• وقال الشيخ عليش والشيخ الزرقاني: إن التعويل في هذه المسألة على هذه الفتيا. وقال الحموي في شرح الأشباه (١/ ١٣٧) في شرح قاعدة (العادة محكمة) : (ليس في المسألة نص عن مالك وأصحابه، والتعويل على فتوى اللقاني والقبول الذي حظيت به، وجرى عليه العمل) . وقال الغرقاوي كما في فتاوي عليش:(إنها فتوى مخرجة على النصوص، وقد أجمع على العمل بها، واشتهرت في المشارق والمغارب. وانحط عليها العمل) .
ونقل بعض متأخري الحنفية هذه الفتوى وأجازوا العمل بها، وإن كان الأصل عندهم أن المنفعة لا تباع منفردة لأنها حق مجرد، وقالوا كما في الدر المختار وحاشية ابن عابدين (٤/ ١٤ – ١٦) : (أفتى الكثيرون باعتبار العرف الخاص، وبناء عليه يفتى بلزوم خلو الحوانيت، فيصير الخلو في الحانوت حقا له، فليس لرب الحانوت إخراجه منها ولا إجارته لغيره، قال: وقد وقع في حوانيت الجملون في الغورية أن السلطان الغوري لما بناها أسكنها التجار بالخلو، وجعل لكل حانوت قدرا أخذ منهم، وكتب ذلك بمكتوب الوقف) .
وقال ابن عابدين في حاشيته (٤/ ١٧) : (ممن أفت بلزوم الخلو بمقابلة دراهم يدفعها إلى المالك العلامة عبد الرحمن العمادي وقال: فلا ملك صاحب الحانوت إخراجه منها: ولا إجارتها لغيره، فيفتي بجواز ذلك) .
وانظر مثل ذلك الفتاوى المهدية (٥/ ٢٦، ٤٣، ٤٤، ٤٩، ٦١) .
وأجازه أيضا بعض الحنابلة كما في مطالب أولي النهى (٤/ ٣٧٠) ففيه أن الشيخ البهوتي يصرح بأنه أن الخلوات إذا اشتريت بالمال من المالك تكون مملوكة لمشتريها مشاعا، لأنه يكون قد اشترى نصف المنفعة مثلا. قالوا:(ولا تصح إجارة الخلو، ولكن يصح بيعه وهبته ووفاء الدين منه) .
التكييف الفقهي لهذا النوع من الخلو:
رأي المالكية ومن أجاز إنشاء الخلو من الحنفية والحنابلة أن إنشاء الخلو بمال يدفعه المستأجر للمالك هو في الحقيقة بيع جزء من المنفعة مجردا، وصوَّر ذلك العدوي من المالكية في شرحه على الخرشي (٧/ ٧٩) في شأن الوقف كما يلي: أن تكون الأجرة في الأصل ثلاثين دينارا في كل سنة، فإذا أخذ الناظر الخلو يجعل الأجرة خمسة عشر فقط في كل سنة، وتكون منفعة الحانوت شركة بين ذلك المكتري وبين جهة الوقف ما كان منها لذلك المكتري هو (الخلو) والشركة (أي نسبة حق كل من الطرفين) بحسب ما يتفق عليه صاحب الخلو وناظر الوقف على وجه المصلحة.
ثم قاله العدوي: إن الخلو المذكور هو من ملك المنفعة لا من ملك الانتفاع، إذ مالك الانتفاع ينتفع بنفسه، ولا يؤجر ولا يهب ولا يُعِيرُ، ومالك المنفعة له تلك الثلاثة مع انتفاعه بنفسه، فالخلو من ملك المنفعة، فلذلك يورث اهـ. وصرح البهوتي الحنبلي كما في مطالب أولي النهى (٤/ ٣٧٠) بأن الخلو المشترى بالمال يكون من باب ملك المنفعة.