ولما كان إنشاء الخلو من هذا النوع بيعا لجزء من المنفعة، فقد ضيق القائلون بجوازه، في إجرائه في الوقف، بحيث يقتصر فيه على أحوال الضرورة، في صور حدودها، بشروط معلومة، يمكن الرجوع إليها في فتاوى الشيخ عليش (٢/ ٢٥٠) والحموي على الأشباه (١/ ١٣٨) وهذا بخلاف الطلق، فإنه لما كان للمالك أن يتصرف في ملكه كما يشاء فله أن ينشئ الخلو على عقاره كما يشاء عند كل من أجاز بيع المنفعة مجردة، سواء كان ذلك لضرورة أو غيرها. قال الشيخ عليش (٢/ ٢٥٢) : (إن الخلو إذا صح في الوقف ففي الملك أولى لأن المالك يفعل في ملكه ما يشاء) ويفهم مثله من كلام صاحب مطالب أولى النهى من الحنابلة.
الحكم الشرعي لهذا النوع من الخلوات:
يرجع الحكم فيه إلى حكم بيع المنفعة المجردة، والراجح فيما نرى جوازه ولذلك نرى جواز إنشاء حق الخلو في الصورتين المذكورتين، بالشروط الآتية:
١- أن تعرف نسبة كل من الطرفين من المنفعة، كأن يكون للمالك النصف، وللمستأجر النصف. وينبغي النص على ذلك صراحة في العقد الذي يبرم بين الطرفين.
٢- أن تكون المدة التي يستحق فيها المستأجر منفعة الخلو محددة، طويلة كانت أم قصيرة، ولا تكون مؤيدة. ولا ينبغي أيضا إطلاق العقد عن تحديد المدة لئلا تتأبد. وتؤول منفعة العقار بعد انتهاء المدة إلى المالك. ولا ينبغي أن تزيد المدة المتفق عليها عن خمسين عاما أو ستين، لئلا ينسى الأصل.
٣- أن يجري تسجيل الخلو لدى إدارة التسجيل العقاري في صفحة العقار نفسها.
٤- ينتقل الخلو إلى الوارث، ويجوز بيعه والإيصاء به وجميع أنواع التصرفات الجائزة ويشترط في البيع ونحوه إذن المالك، لأن مشتري الخلو سيكون مستأجرا لباقي المنفعة، ولا يرغم المالك على أن يؤجر لمن لا يرضاه.
٥- المالك أولى بالشفعة في الخلو توحيدا للملك قدر المستطاع، ولتقليل النزاعات بين المالكين والمستأجرين (انظر ابن عابدين ٤/ ١٨ و٥/ ١٤٢ وتنقيح الفتاوى الحامدية ٢/ ١٩٩) .