وأيضا فليس كل المستأجرين في البلاد التي تلزم بالامتداد القانوني لإجارة الأماكن أو بالتسعيرة الجبرية، ليسوا جميعا مضطرين، بل المضطر قسم منهم قليل، وغالبهم قادر على أن يشتري سكنا أو يستأجر إجارة حرة، لكنه في ظل التسعيرة الجبرية يفضل أن ينعم بالسكن في عقار غيره رغما عنه، بالأجرة التافهة، على أن يقوم بالبناء أو الشراء لسكن خاص. فيفقد القطاع السكني جزءا كبيرا من القدرات المالية التي كان من الممكن أن تشترك في الإنشاءات لو كان الإيجار والاستئجار خاضعا لنظام التعاقد الحر.
وأيضا فإن المالكين مواطنون، يقومون بخدمة جليلة، بتهيئة العقار وتوفيره، وليسوا دائما جبابرة ولا طواغيت، وربما كانوا فقراء ومحتاجين، وكثير منهم كما قال تعالى:{ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ}[البقرة: ٢٦٦] بحاجة إلى ما يقوتهم ويقوم بأودهم من ثمرة عقار خلفه لهم الموروث.
وكثيرا ما يكون بعض المستأجرين لديهم خيرا منهم حالا وأوفر مالا. ومن الظلم الحيلولة بينهم وبين عقارهم يستثمرونه على الوجه الموافق للشرع.
الحالة الثالثة:
أن يأخذ المستأجر بدل الخلو من مستأجر لاحق:
وتنشأ هذه الحالة لأسباب:
السبب الأول:
أن يكون المستأجر الأول قد ملك منفعة الخلو بطريقة شرعية، بأن يكون قد تعاقد عليه مع المالك تعاقدا صحيحا، أو اشتراه من المالك شراء صحيحا على ما تقدم في أول الحالة الثالثة، فله أن يبيعه لغيره بما شاء من المال، قل أو كثر، ما دام شيء من مدة الخلو باقيا. ويحل لآخذ البدل ما أخذ، لأنه ملك منفعة الخلو بالتعاقد الحر الشرعي، فله أن يبيعه لمن شاء، وتجوز له فيها سائر التصرفات الشرعية (انظر الشرح الكبير وحاشية الدسوقي ٣/ ٤٦٧، ٤٣٣ والزرقاني على خليل ٧/ ٥٧، والخرشي ٧/ ٧٩، ومطالب أولى النهى ٤/ ٣٧٠) .