أن لا يكون للمستأجر في المكان خلو صحيح، ولكن لا يزال له في عقد الإجارة بينه وبين المالك جزء من مدة التعاقد الأصلية التي أجراها المالك بكامل حريته دون تسعيرة إجبارية، ولا ضمن امتداد قانوني.
فإن أخذ من المستأجر اللاحق مالا مقابل إخلائه المحل له ليحل مكانه، فهذا البدل المالي الذي قد يسمى لدى العامة (خلوا) هو مشروع للآخذ والمعطي على السواء، لأنه في حقيقته بيع للمدة الباقية من المنفعة المستحقة بعقد الإجارة.
وقد ذكر الشيخ عليش المالكي هذه المسألة والتي بعدها في فتاواه (٢/ ٢٥٠) فقال: (الذي يدور عليه الجواب في ذلك أن الساكن الذي أخذ الخلو إن كان يملك منفعة الحانوت مدة فأسكنها غيره، وأخذ على ذلك مالا، فإن كان الآخذ بيده إجارة صحيحة من الناظر أو الوكيل بشروطها بأجرة المثل [أي الوقف، وأما في الملك فلا يشترط] فهو سائغ له الأخذ على تلك المنفعة التي يملكها. وأما إن لم يكن مالكا للمنفعة بإجارة صحيحة فلا عبرة بخلوه ويؤجره الناظر لمن يشاء بأجر المثل، ويرجع دافع الدارهم على من دفعها له) .
السبب الثالث:
أن يكون المستأجر الأول ليس له في المحل خلو صحيح، على ما تبين في المسألة السابقة، وقد انتهت مدته التعاقدية، ولكن كان هو تلقى المحل ببذل مال لمستأجر قبله حتى مكنه من استئجار المحل. فهذا إن أراد أن يتخلى لغيره عن المحل فقد يأخذ منه مالا متعللا بأنه قد كان دفع للمستأجر السابق شيئا كثيرا. فهذا المال قد يسميه بعض العامة (خلوا) وليس هو من الخلو المصطلح عليه في شيء. ولا يلزم المالك أن يؤجر المحل له سواء بأجر المثل أو أقل أو أكثر، لأن المالك بعد انتهاء عقد الإيجار، حر يصنع في ملكه ما يشاء. ثم إن لم يتمكن الآخذ من إقناع المالك بتوقيع عقد مع المستأجر الجديد، فله أن يرجع على الآخذ بما دفعه له، لأنه إنما دفعه له على تحقيق مصلحة، فلم تتحقق.
أما إذا اتصل بذلك وضع قانوني معين يمنع المستأجر من أخذ الخلو من المستأجر اللاحق كان هذا القانون واجب الرعاية، لأنه يؤكد حقا شرعيا، ولأنه يمنع المستأجر من الاستغلال غير المشروع، وذلك لأن القوانين التي تعطيه حق البقاء في المكان المستأجر بعد انتهاء المدة التعاقدية قصدت – بزعم واضعيها – إلى رفع الضرر عنه، لا إلى تحكمه في حق المالك، وأكله ثمرة جهده بغير حق.