حق القرار للمستأجر بسبب ماله في المكان من الأمتعة والأثاث:
إذا ثبت للمستأجر القرار في المكان المستأجر استتبع ذلك من حيث طبيعة الأمور في التعامل غالبا إمكانية حصول المستأجر على بدل الخلو. أما إن لم يثبت له حق القرار فتكون فرصته في الحصول على البدل ضئيلة جدا، لأن المالك إذا استعاد المكان، وأمكنه أن يؤجره لآخر بتعاقد حر، فإنه من حيث طبيعة الأشياء سيطلب أجر المثل أو أعلى منه، وتكون ثمرة ملكه له، وبذا يستقيم أمر العمران.
حق القرار يثبت للمستأجر في صور منها:
الصورة الأولى: يثبت للمستأجر حق القرار طيلة المدة التعاقدية بمقتضى عقد الإجارة، بشرط أن تكون الإجارة صحيحة، والمدة معلومة ولو كانت طويلة، على أن لا تزيد على خمسين أو ستين عاما كما تقدم.
الصورة الثانية: أن يكون اشترى منفعة الخلو من المالك بتعاقد عليها صريح – كما تقدم في أول الحالة الأولى – فيثبت له حق القرار إذا جرى العرف بذلك (فتاوى عليش، والعدوي على الخرشي ٧/ ٧٩) ، وحكم بيع المستأجر للخلو هنا الجواز، لكن لا بد من تعديل الحكر الذي يحصل عليه المالك عن باقي منفعة المكان ليصل إلى أجر المثل.
الصورة الثالثة: أن يكون المستأجر قد وضع في المكان أمتعته وأثاثه، فإن كان أثاثا منفصلا عن المبنى، فإذا انتهت مدة الإجارة فللمالك إن لم يشأ تجديد الإجارة له أن يأمره برفع أثاثه وتسليم المكان.
أما إن كانت الأشياء التي وضعها في المكان متصلة بالمبنى، وتفقد قيمتها – أو جزءا كبيرا من قيمتها – برفعها، فهي التي تسمى الجدك (أو: الكدك) وهو ما يحتاج إليه كثيرا أصحاب المصانع والمتاجر، فقد قيل: إنه يثبت للمستأجر بذلك حق القرار، ولم يرد هذا القول عن أحد من الفقهاء القدامى فيما نعلم في الأملاك الخاصة، بل الذين اطلعنا على كلامهم صرحوا بنفيه فيها، فلا يثبت للمستأجر بوضعها حق القرار بل يلزم المستأجر برفعها عند نهاية المدة ولو تلفت برفعها، وعليه تسوية المكان بعد قلعها وإعادته إلى ما كان عليه.
لكن استثنى من ذلك بعض الفقهاء إجارة الوقف خاصة، إن كان المستأجر قد وضع جدكه بإذن الواقف أو الناظر، ورضي المستأجر بتعديل أجرته حتى تصل إلى مقدار أجرة المثل، قالوا: لأن الوقف لا بد أن يؤجر، فإجارته لذي اليد أولى. فإن أبى يؤمر برفع جدكه وإخلاء المكان، قالوا: (إن كان للمستأجر بناء ونحوه مما يسمى الجدك أو الكردار فإذا لم يدفع أجرة المثل يؤمر برفعه وإن كان موضوعا بإذن الواقف أو أحد النظار) (١) .
(١) حاشية ابن عابدين، الطبعة الثانية ٤/ ١٦