للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أصحاب مالك من يقول: (القول لمدعي الفساد، وتفسخ المعاملة لأنهم يرون أي الفريق الأول في العرف الفاسد غلبة معنى على الناس يستلزم غلبة الظن بصدق من اقترن هذا المعنى بدعواه) (١) .

وبرغم مراعاة الشريعة للعرف في إطار ما سبق يجب أن يعلم أنه لا يجوز في مجالي القضاء والفتيا اعتماد أعراف تخالف أصلا من أصول الشريعة الإسلامية، قال العلامة أبو عبد الله بن شعيب من علماء أفريقية في القرن الثامن الهجري: (وغلبة الفساد إنما هي من إهمال حملة الشريعة ولو أنهم نقضوا عقود الفساد لم يستمر الناس على الفساد) . وقال عماد الفتوى في عصره الشيخ سيدي إبراهيم الرياحي – رحمه الله – (والعرف المعتبر هو ما يخصص العام ويقيد المطلق، وأما عرف يبطل الواجب ويبيح الحرام فلا يقول به أحد من أهل الإسلام) (٢) فإذا اعتمد فقيه في قضاء أو فتوى عرفا مخالفا لأصول شريعة الإسلام فقد جاء أمرا إدًّا إلا أن تدعو لذلك ضرورة.

وقد خرج سماحة الأستاذ الإمام محمد الطاهر بن عاشور – رحمه الله – الفتوى بجواز الخلوات على أنها ضرورة عامة مؤقتة (٣) وسيأتي تفصيل ذلك في محله من هذا البحث.

١- الخلوات ذات البدل هي المدروسة في هذا البحث سواء أدفع البدل المالي إلى المالك أو ناظر الوقف أو مستحقه أو قام المستأجر بالعمارة مقابل امتلاكه للخلو، أو تخلى المستأجر لمستأجر آخر عن الخلو ببدل كما سيأتي بيان ذلك عندما أعرض لفتوى ناصر الدين اللقاني وأحمد السنهوري، أو لما جاء في رسالة البدر القرافي (الدرة المنيفة) من المالكية أو لفتوى العلامة ابن نجيم من الحنفية وغيرهم.

هذا ما يتعلق بالتمهيد.


(١) نور الإسلام مج١ ع ٧/ ٥٣٧- ١٣٤٩هـ
(٢) نور الإسلام مج١ ع: ٧/ ٥٣٩- ١٣٤٩هـ
(٣) مقاصد الشريعة الإسلامية ١٣٣- ٢٣٤

<<  <  ج: ص:  >  >>