للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا والعلاقة بين الشريعة وبين العرف تبدو كالتالي:

إقرار الكثير من أعراف الجاهلية في شبه الجزيرة بعد إضفاء الصبغة الإسلامية على تلك الأعراف كالقسامة والدية على العاقلة والقراض والرهن والإجارة والسلم.

ما ألغته لأنه شر وفساد كالخمر والأنصاب والأزلام والميسر ووأد البنات.

وقد وقف الموقف نفسه فقهاء الفاتحين في عهد الفتوحات الإسلامية.

الأحكام المأخوذة بطريق الأعراف تدور معها وجودا وعدما كالنقود في المعاملات والعيوب في الأعراض في البياعات ونحو ذلك فلو تغيرت العادة في النقد والسكة إلى سكة أخرى لحمل الثمن في البيع عند الإطلاق على السكة التي تجددت العادة بها دون ما قبلها، وكذلك إذا كان الشيء عيبا في الثياب عادة رددنا به المبيع فإذا تغيرت العادة وصار ذلك المكروه محبوبا موجبا لزيادة الثمن لم ترد به، وبهذا القانون تعتبر جميع الأحكام المترتبة على العوائد، وهو تحقيق مجمع عليه بين العلماء لا خلاف فيه بل قد يقع الخلاف في تحقيقه هل وجد أم لا؟ هذا ما قرر معناه شهاب الدين القرافي (١) ولذلك أوصى المفتين قائلا: (إذا جاء رجل من غير أهل إقليمك يستفتيك لا تُجْرِهِ على عرف بلدك، واسأله عن عرف بلده وأجره عليه وأفته به دون عرف بلدك والمقرر في كتبك، فهذا هو الحق الواضح والجمود على المنقولات أبدا ضلال في الدين، وجهل بمقاصد علماء المسلمين والسلف الماضيين) . (٢) .

لكن هنالك أعراف فاسدة في معاملات الناس فهل تقع مراعاتها أو لا تقع؟

يقول محمد الخضر حسين نقلا عن ابن الفرس (وإذا تنازعا في بيع أو إجارة وادعى أحدهما الصحة والآخر الفساد وكان الفساد الذي ادعاه جاريا بين الناس فالمشهور أن القول قول مدعي الصحة) .


(١) الفروق ١/ ٢٢٣
(٢) الفروق ١/ ٢٢٤

<<  <  ج: ص:  >  >>