للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثاني: في مفهوم الأخلاق:

أن الأخلاق عند أرسطو وأفلاطون ومن وافقهما لا تخرج عن دائرة السعادة –راحة النفس وسرور الفرد.

وإنها عند الماديين لا تخرج مبادئها من أنها ظواهر اجتماعية تفرض على الأفراد دون أن يكون للفرد دخل في بنائها أو في الإيمان بها. وتقول نظريتهم هذه: (إن الأخلاق تختلف عن الدين، وإنها من استجابة النفس إلى الوسط الذي تعيش فيه، فإذا تغير الوسط تغيرت الأخلاق، وإن الأمم لا تحتاج إلى الدين، ولكنها تحتاج إلى الأخلاق، فالأخلاق هي التي ترفع الأمم إلى مستوي الرقي والتقدم لا الدين، وأن (أوربا) لم تنهض من الحضيض إلى العلياء إلا بالأخلاق، فيمكن الاستغناء عن الأديان اكتفاء بالضمير الإنساني الدافع إلى عمل الخير) إلى آخر ما روي عن أقطابهم.

فمجمل نظريتهم هذه: أن الأخلاق نتاج للبيئة، تختلف من شعب لآخر ومن حقبة لأخرى، فهي مادية الأصل.

ولا ريب أن المفكر المسلم لا يرى لتلك النظرية آية قيمة أساسية، بل يرى فيها خلطا بين الأخلاق والتقاليد، وبين الأصول التي جاءت بها الأديان السماوية والأعراف التي أقامها الناس.

وأما في الإسلام وشريعته المباركة: فإن الأخلاق تقوم على أساس التقوى من الله خالق هذا الكون والذي جعل الناس خلفاء في الأرض. وعلى أساس الجمع بين الدنيا والآخرة. قال تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} (١)

فالأخلاق الإسلامية أخلاق تقوِّي الإنسان وتقومه، بما تحمله من معان سلبية وإيجابية، كالتجنب عن الحرام، والإقبال على الحلال. وكالتجرد عن الرذائل والتحلي على الفضائل ...

فالإسلام يعتبر الأخلاق أنها منهاج عملي، غايته التعاون في الحياة، واحترام القيم الإنسانية، وحسن المعاملة. وأن مبدئها الأساسي يقوم على الإرادة والمسئولية والجزاء.


(١) القصص: الآية (٧٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>