للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما بعد:

فإن الأمة الإسلامية –بإذن من الله وقدر-تسلمت قيادة ركب البشرية منذ أن تكونت على يدي معلم البشرية وهاديها محمد (صلى الله عليه وسلم) ، واستمرت على ذلك دهورا طويلة، ولكنها فقدت تلك المنزلة شيئا فشيئا، حتى أصبحت في أيامنا على الحال التي نعرفها ونشاهدها، ذلت بعد عزة، وجهلت بعد علم، وضعفت بعد قوة، وأصبحت في ذيل القافلة بعد أن كانت في طليعتها، وأخذت تتسول على موائد الفكر الإنساني بعد أن كانت منارة تهدي الحيارى والتائهين، وأخذت تضطرب في سيرها وتتأرجح في فكرها، ولا تعرف السبيل الذي تسلكه بعد أن كانت الدليل الحاذق الرائد في الدروب المتشابكة في الصحراء التي لا يهتدي فيها الأدلاء المجربون.

وجاء الذين آلمهم حال أمتهم من أصحاب الفهم الثاقب، والبصر النافذ، والرأي السديد يفكرون في حال هذه الأمة في ماضيها وحاضرها، فهالهم الأمر، فالبون بين الحالين بعيد والفرق كبير. لقد جرب عالمنا الإسلامي مختلف الأنماط في عصرنا هذا، فقد تسلط على رقابنا جماعات وأحزاب وعدتنا بأنها ستعيد لنا عزتنا وكرامتنا وإنها ستنهي مشكلاتنا، وتجمع شملنا، وتوحد جموعنا، وننظر إلى حالنا وقد مضى على الأمل الموعود وقت طويل فلا نرى إلا السراب، لقد كان حظنا مما وعدنا به مزيدا من الفرقة والانقسام والتأخر، فقد أصبحت الأمة الواحدة أمما، والدولة دولا، وانتشر الفقر، وازدادت التعاسة في كثير من ديار المسلمين، وضاع كثير من هذه الديار عندما استولي عليها أعداء الله من الشيوعيين والصليبيين واليهود.

<<  <  ج: ص:  >  >>