للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد تبين لنا تبينا لا لبس فيه فشل دعاة الوطنية ودعاة القومية، كما فشل الاشتراكيون والبعثيون، ولم يبق إلا الإسلام.

لقد نجح الإسلام في الماضي عندما حكم هذه الديار –ديار الإسلام- نجح في إيجاد مجتمع مثالي في عالم البشر، فقد أوجد كيانا سعدت به البشرية، وترعرعت في جنباته القيم الصالحة، وتناسى المسلمون في ظله العصبيات للأقوام والأجناس والأوطان، وأصبحوا في ظله إخوة، ولاؤهم لله رب العالمين.

لقد أضاع المسلمون الكثير من تعاليم دينهم، وانحرف بهم المسار، واستبدلوا به عادات موروثة، وعادات وفلسفات وتوجهات وافدة، فكان ثمار ذلك الفرقة والانقسام والهزائم العسكرية والفكرية.

واليوم صحا المسلمون من جديد يحاولون تنظيم صفوفهم، وتلمس طريقهم ليحملوا الراية من جديد، غير أن الطريق ملئ بالصعاب محفوف بالمخاطر، فالأعداء متربصون بنا من كل جانب يرصدون حركاتنا، ويقرؤون كتاباتنا، ويدرسون فكرنا، ثم يأتمرون ويخططون، ويرسلون إلينا سهامهم، وبعض سهامهم رجال من هذه الأمة، يدعوننا إلى الدمار وغضب الجبار، وقد أصيب جموع كثيرة من هذه الأمة، كما أصيب الدعاة الصالحون فيها بسهام الأعداء ومكرهم وخديعتهم.

أضيف إلى ذلك الجهل الذي انتشر في ربوع العالم الإسلامي، والأمراض الفكرية الهائلة التي يعاني منها المسلمون في هذه العالم الرحب، كل ذلك يؤخر المسيرة، ويضعف تيارها، ويجعلنا نعاني معاناة هائلة ونحن نشق طريقنا إلى الأمام.

وهذا البحث يسلط الضوء على المكانة الفضلى التي استحقتها هذه الأمة، والسر في استحقاقها لها، ثم يبين السبب الذي عزل الأمة عن المكانة التي كانت تحتلها، وقد أعاد الباحث هذا إلى سبب واحد هو الفرقة بأنواعها: الفرقة في الدين والاعتقاد، والفرقة التشريعية، والفرقة السياسية.

كما سلط الضوء على الطريق الذي يعيد للأمة عزها من جديد، ويرقي بها إلى المكانة التي كانت تحتلها، وقد أعاد الباحث هذا إلى سبب واحدة هو الوحدة بكل أنواعها وشتى مجالاتها وأصولها هذه الوحدة: الانتماء للإسلام دون سواه، وتوحيد مصدر الهداية، ووحدة العقيدة، والوحدة السياسية المتمثلة في إقامة الدولة الإسلامية وإرجاع الخلافة الراشدة.

وختمت البحث بكلمة موجزة، لإلقاء الأضواء على طرق الدعاة التي سلكوها في عملهم في مجال الارتقاء إلى المستوي الذي يطمعون في بلوغها إليه.

وفق الله العاملين بالإسلام إلى توحيد الوجهة والعمل، وإلى توحيد الصفوف، ورصها، وسد الثغرات، وتقويم النفوس وبناء الأمة بالإسلام، كي ستعيد الأمة مجدها من جديد.

<<  <  ج: ص:  >  >>