وقد كان لعلماء المسلمين رأيهم فيها، ونرى أن نوجزها هادفين إلى التذكرة عازفين عن التكرار. وحبذا لو قدمنا لذلك بالأسس الشرعية التي تحكم هذا الموضوع وهي ثلاثة:
أولا: أن الزواج بعقده الشرعي المعتبر هو الوعاء الوحيد المشروع لكل من الجنس والإنجاب.
ثانيا: أن عقد الزواج غايته أقرب الأجلين طلاقا أو مماتا وكلاهما ينهي الزوجية.
ثالثا: أن الزواج كما يدل ظاهر التسمية إنما ينتظم اثنين لا ثالث لهما ولا رابع ولا خامس، وليس هناك عقد زواج يسع أكثر من اثنين هما الزوجان، زوج وزوجة، فإذا تعددت الزوجات تعددت العقود، وكل دائما بين اثنين.
إن طبقنا هذه الأسس وجدنا إذن أن التلقيح الصناعي جائز بمني الزوج لزوجته حال قيام الزوجية، وأن تقنية أطفال الأنابيب جائزة بين الزوج وزوجته أي بمني منه وبويضات منها، وذلك حال قيام الزوجية وبدون إقحام طرف غريب عنهما، من مني أو بويضة أو جنين أو رحم، وعلى هذا فمسألة الرحم الظئر مستأجرة أو موهوبة لا تجوز، وكما لا يحل المني الغريب، لا تحل البويضة الغريبة، ولا الجنين، لا استقبالا من غريب ولا إيداعا في غريب، ولا يجوز أن تحمل الضرة جنين ضرتها، ولو اشتركا في الزوج، وإلا أقحمنا طرفا ثالثا على ثنائية عقد الزواج، وهي ثنائية لا تقبل التثليث، وتشكل مسألة الرحم الظئر منعطفا خطيرا في تاريخ الإنسانية، فلأول مرة في التاريخ تحمل أنثى الإنسان طواعية، وقد قررت سلفا أنها ستتخلى عن جنينها لغيرها فور ولادتها، ولما كان هذا في الغالب الأعم يحدث لقاء مال متفق عليه، فقد اختزلت الأمومة من قيمة إلى ثمن، والأصل أن صلة الرحم في فطرة الإنسان وفي شرعة الإسلام قيمة تجل عن معيار المادة وتقدير الثمن.