للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا الحديث قد صرح فيه الرسول صلى الله عليه وسلم بأن العزل هو "الوأد الخفي" "وإذا كان وأدا، فالوأد محرم، فيكون العزل محرما، سواء كان العزل عن حرة أو أمة (١) .

وقال ابن حزم إن الأحاديث الأخرى غير حديث جذامة موافق لأصل الإباحة إذ الأصل في الأشياء الإباحة – وحديثها يدل على المنع، فمن ادعى أن العزل قد أبيح بعد أن منع فعليه البيان، فحديث جذامة هو الناسخ لجميع الإباحات المتقدمة.

وأما حديث أبي سعيد (٢) والذي جاء فيه عقب سؤالهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العزل قوله ((ما عليكم ألا تفعلوا)) وفي رواية في البخاري ((لا عليكم ألا تفعلوا)) قال ابن سيرين: هذا أقرب إلى النهي.

وحكى ابن عون عن الحسن أنه قال: والله والله لكان هذا زجرا.

قال القرطبي: كأن هؤلاء فهموا من (لا) النهي عما سألوه عنه، فكأنه قال: لا تعزلوا، وعليكم ألا تفعلوا. ويكون قوله: وعليكم إلى آخره تأكيدا للنهي.

وقد رد على هذا بأن الأصل عدم التقدير، وإنما معناه: ليس عليكم أن تتركوا (أي العزل) وهو الذي يساويه "ألا تفعلوا".

وقال بعض العلماء: معنى قوله ((لا عليكم ألا تفعلوا)) أي لا حرج عليكم.. أي لا تفعلوا، ففيه نفي الحرج عن عدم فعل العزل، فأفهم (ذلك) ثبوت الحرج في فعل العزل، ولو كان المراد نفي الحرج عن فعل العزل، لقال صلى الله عليه وسلم: ((لا عليكم أن تفعلوا)) إلا أن يدعى أن (لا) زائدة، فيقال: الأصل عدم الزيادة فيكون الحديث دالا على النهي عن العزل أيضا.


(١) شرح الأزهار جـ٢ ص٣٢٠ "وقال القاسم العياني: لا يجوز العزل مطلقا في الحرة والأمة"
(٢) نيل الأوطار جـ٦ ص١٩٧

<<  <  ج: ص:  >  >>