للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويمكن أن يقال: إن هذا الرأي جمع بين الأدلة، حيث حرم العزل إذا لم تأذن الزوجة فيه – وحينئذ عمل بالأحاديث الدالة على التحريم – وأباح العزل إذا أذنت الزوجة فيه وحينئذ عمل بالأحاديث الدالة على الإباحة، إلا أن هذا التفرقة في الحكم بناء على وجود الإذن وعدمه تحتاج إلى دليل.

كما أنهم أيضا اتفقوا على أن هذا هو الحكم إذا كانت الزوجة حرة، وأما إذا كانت أمة فقد اختلفوا في اعتبار الإذن أو عدم اعتباره، وفي اعتبار الإذن منها، أو من سيدها، ونوضح فيما يلي الحكم فيما إذا كانت الزوجة حرة، ثم إذا كانت أمة.

حكم العزل عن الزوجة الحرة:

لا يجوز العزل عن الزوجة الحرة إلا بإذنها، وهذا هو رأي جمهور الفقهاء كما بينا – وقد استدلوا على ذلك بما يلي:

١- جميع الأحاديث التي استدل بها أصحاب الرأي الأول – التي تفيد إباحة العزل – غير أن هذا الإطلاق الوارد في هذه الأحاديث قيد بإذن الزوجة في الخبر المروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ((أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها)) رواه أحمد وابن ماجه (١) .

وروي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: ((نهي عن عزل الحرة إلا بإذنها)) أخرجه عبد الرزاق والبيهقي.

قال الشوكاني حكي في الفتح عن ابن عبد البر أنه قال "لا خلاف بين العلماء أنه لا يعزل عن الزوجة الحرة إلا بإذنها، لأن الجماع من حقها، ولها المطالبة به وليس الجماع المعروف إلا ما لا يلحقه عزل.

قال الحافظ ووافقه في نقل هذا الإجماع ابن هبيرة.

غير أن دعوى الإجماع هذه يؤثر فيها ما أوردناه آنفا من الرأيين: الأول والثاني – التحريم مطلقا، أو الإباحة مطلقا.


(١) جاء في منتقى الأخبار بشأن هذا الحديث قوله "وليس إسناده بذلك" وقال الشوكاني: وحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه في إسناده ابن لهيعة، وفيه مقال معروف، ويشهد له ما أخرجه عبد الرزاق والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنه قال: (نهي عن عزل الحرة إلا بإذنها) وروى عنه ابن أبي شيبة أنه كان يعزل عن أمته، وروى البيهقي عن ابن عمر مثله

<<  <  ج: ص:  >  >>