فهناك بعض الدول تحتاج إلى زيادة الإنجاب وتكثير النسل، نظرا لكثرة خيراتها، ووفرة مواردها، وقلة عددها، وحاجتها إلى زيادة القوة البشرية لكي تستوعب كل هذه الخيرات، وتنميها، وتحافظ عليها.
وهناك بعض الدول على العكس من ذلك تحتاج إلى الحد من زيادة الإنجاب، وتنظيمه أو تحديده، نظرا لكثرة عددها وقلة مواردها، وما يحيط بها من ظروف لا تستطيع بها توفير متظلبات شعبها.
لكل ذلك أقول: إن للدولة – بأجهزتها العلمية والإعلامية، ومراكز التعليم والتثقيف فيها أن تبصر الناس بعواقب كثرة النسل – إذا كانت الدولة ليست في حاجة إلى هذه الكثرة - وبعواقب قلة النسل – إذا كانت الدولة بحاجة إلى كثرته.
وإذا بصرت الناس بذلك عن طريق هذه الوسائل، فإنه يصبح لكل شخص وكل فرد من أفراد الأمة أن يوازن أموره طبقا لما يحيط به من ظروف اجتماعية ومادية – حاضرة أو مستقبله، وعلى ضوئها يقرر مع زوجه ويختار المسلك الذي يحقق له مصلحته – في حدود شرع الله تعالى.
وإنما قلت إن حق الإنجاب، أو منعه، أو تكثيره هو حق خاص بالزوجين في الشريعة الإسلامية، وذلك لأن الزواج – وهو عقد يتم برضا الطرفين – حق خاص بكل واحد منهما، إذ كل واحد منهما، إذ كل واحد منهما له الحق في أن يتزوج، وله الحق في ألا يتزوج، وله الحق في أن يطأ، وله الحق في ألا يطأ ومن ثم فله الحق في أن ينجب، وله الحق في ألا ينجب، إلا أنه في هذه الحالة الأخيرة بعد تمام الزواج يصبح هذا الحق لهما سويا؛ لأنه بعقد الزواج أصبح الوطء والإنجاب حقا من حقوق العقد، وأثرا من آثاره، فلا يستأثر به واحد منهما دون الآخر، ولا يتحكم فيه غيرهما، بل هو لهما فقط، كما كان الزواج علاقة خاصة بهما فقط، فكذلك هذا.