للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثا: الباعث على تحديد النسل أو تنظيمه أو منعه:

يمكن أن أتناول فيما يلي جملة من البواعث على منع الحمل، أو تنظيمه أو تحديده، وأبين فيما يلي موقف الفقه الإسلامي في كل واحد منهما، صحة وفسادا وأثر ذلك على إباحة المنع أو عدم إباحته:

الباعث الأول: الخوف على حياة الأم، أو تدهور صحتها.

إذا كان الباعث على استخدام ما يمنع الحمل هو الخوف على حياة الأم، أو تدهور صحتها، بأن كانت مريضة بمرض يؤثر الحمل في زيادته أو تأخير البرء منه فإنه في هذه الحالات يكون الباعث مشروعا، وذلك لأنه يؤدي إلى الحفاظ على حياة الأم، وحفظ الحياة أمر واجب شرعا على الإنسان أن يراعيه سواء بالنسبة لنفسه أو بالنسبة لغيره، زوجا كان الغير أو لم يكن زوجا. قال تعالى {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} الآية ٢٩ من سورة النساء.

وقال جل شأنه {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} الآية ١٩٥ من سورة البقرة. وكل ما يتطلبه هذا الأمر أن يكون هذا الخوف له أسبابه المقنعة والمعقولة والتي يقررها أهل الاختصاص والخبرة – إذ أنه ليس كل خوف يعتد به – فمن الناس من يكون الخوف عنده مرضا يحتاج إلى علاج.

الباعث الثاني: الخوف على مستقبل الحمل بعد ولادته:

لقد أورد الفقهاء حالات متعددة حول إباحة العزل عند الخوف على مستقبل هذا الطفل بعد ولادته دون إذن من الزوج الآخر.

والخوف على مستقبله يتمثل فيما أحاط بالوالدين، وبما يتوقع أن يحيط بالطفل من ظروف بيئية أو اجتماعية بعد ولادته أثناء قيام هذه الظروف.

فمن الظروف البيئية والتي تتمثل في إقامتها خارج الوطن: أن يكون الزوجان في دار الحرب، ومن المعلوم لنا أن الحرب وما يكتنفها من مخاطر وما يحيط بها من مفاجآت وأحداث، قد تؤدي إلى قتل الوالدين، ثم ضياع الولد في هذه الدار وإن لم يقتلا أو أحدهما، فقد يتعرض الطفل للرق – إن كان هناك رق – أو لاختطافه وتسخيره فيما يراد تسخيره فيه، أو لعدم رعايته الرعاية المطلوبة والحفاظ على حياته. وكل ذلك خطر جسيم وضرر عظيم يخشى منه على مستقبل الطفل إذا وجد.

<<  <  ج: ص:  >  >>