للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦ – روى مسلم عن جابر رضي الله عنه أن رجلًا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن لي جارية هي خادمتنا وسانيتنا (أي تسقي لنا) وأنا أطوف عليها، وأنا أكره أن تحمل، فقال: ((اعزل عنها إن شئت، فإنه سيأتيها ما قدر لها، فلبث الرجل ثم أتاه، فقال: إن الجارية قد حبلت، فقال: قد أخبرتك أنه سيأتيها ما قدر لها)) . ورواه أيضًا بألفاظ قريبة أبو داود والإمام أحمد.

٧ – روى مسلم وابن ماجه والإمام أحمد عن جذامة بنت وهب أخت عكاشة حديثًا طويلًا جاء فيه: ثم سألوه عن العزل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ذلك الوأد الخفي".

٨ – وروى الترمذي والنسائي كل منهما عن طريق معمر، عن يحيى بن كثير عن جابر قال: كانت لنا جوار وكنا نعزل، فقال اليهود: إن تلك الموءودة الصغرى، فسُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: ((كذبت اليهود، لو أراد الله خلقه لم تستطع رده)) .

ما الذي نفهمه من هذه الأحاديث؟

إذا استثنينا الحديث السابع من مجموع هذه الأحاديث، لاحظنا أن سائر الأحاديث الأخرى دالة على جواز العزل عن المرأة اتقاء الحمل، وإن كانت لا تخلو من دلالة علي الكراهة، فقول جابر في الحديث الأول: كنا نعزل على عهد رسول الله في قوة قوله: كان يعلم أننا نعزل وكان يقرنا على ذلك، وإلا لم يكن لقوله: على عهد رسول الله معنى.

وقد نقل الإمام النووي في مقدمة المجموع، أن مثل هذا التعبير من الصحابي يجعل الحديث في قوة المرفوع، بل عده البعض في حكم المرفوع، حتى وإن لم يضفه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وبعد أن نقل النووي الخلاف في ذلك قال: وظاهر استعمال كثير من المحدثين وأصحابنا في كتب الفقه أنه مرفوع مطلقًا، سواء أضافه أم لم يضفه، وهذا قوي، فإن الظاهر من قوله: كنا نفعل، أو كانوا يفعلون، الاحتجاج به وأنه فعل على وجه يحتج به، ولا يكون ذلك إلا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبلغه (١) .


(١) المجموع للنووي: ١/٦٠، وانظر فتح الباري: ٩/٢٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>