للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان هذا بيانًَا لحكم هذه المسألة في حق الأفراد أصحاب العلاقة المباشرة.

والآن ما هو حكم هذه المسألة في حق المجتمع المتمثل في الدولة إذ توجه وتأمر وتنهى؟

إننا نقول بكلمة موجزة شاملة: إن الدولة لا تستطيع أن تستفيد شيئًا من أحكام الجواز الذي أوضحناه في حق كل من الزوجين، ولا يحق لها أن تعتمد على شيء من أدلة ذلك الحكم في أي إجراء توجيهي تتخذه إلا أن يكون توجيهًا للناس إلى الحكم الشرعي ذاته، ذلك لأن الدولة ليست هي صاحب العلاقة المباشرة في الموضوع، وليست لها أي سلطة أو ولاية على شيء من أركانه.

وهذا الفرق في الحكم يتجلى في كل ما كان الجواز فيه على سبيل الرخصة والتوسعة، فإن حكم الجواز فيه يسري في حق الأفراد أصحاب العلاقة المباشرة، ولكنه يبقى في عمومه، وبالنظر لعامة الناس ومجموعهم على أصل العزيمة التي اقتضتها المصلحة العامة.

أرأيت إلى الطلاق؟ إنه حق أعطاه الشارع لصاحب العلاقة وهو الزوج بشروط وقيود معروفة، فهل للدولة أن تفرض لنفسها صلاحية ممارسة هذا الحق وصلاحية فرضه على من تشاء من الناس، أي بأن تجبر من تشاء على الطلاق أو بأن توقع هي الطلاق عنه عندما ترى أن المصلحة تقضي بذلك، محتجة بعموم الأدلة الناطقة بمشروعية الطلاق؟

كذلك أحكام الحد من النسل، فإنما هي عائدة – من حيث هي رخصة – إلي الشخصين اللذين يمثلان أركان القضية، فليس إذن للحاكم أن يحتج بهذا الحق لهما، فيبني عليه دعوة عامة إلي الحد من النسل، ويثير لذلك الدوافع والمرغبات، بل يشرع له الإلزامات الأدبية أو الجزائية بالوسائل المختلفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>