للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالسعي إلى إيقاف النسل أو تقليصه مناف لأصل ما شرع النكاح من أجله ولكن الشارع الحكيم جل جلاله رخص للزوجين في محاولة جزئية وفردية للحد من النسل نظرا لظروف أو مصالح شخصية قد تكتنفهما أو تكتنف أحدهما أما الحكم العام فباق على أصله وهو المنع والحاكم العام هو الأمين على ذلك.

وفي بيان هذا الأصل يقول الإمام الشاطبي: إن المباح ضربان: أحدهما أن يكون خادمًا لأصل ضروري أو حاجي أو تكميلي والثاني ألا يكون كذلك. فالأول قد يراعى من جهة ما هو خادم له. فيكون مطلوبًا ومحبوبًا فعله، وذلك أن التمتع بما أحل الله من المأكل والمشرب ونحوهما مباح في نفسه، وإباحته بالجزء، وهو خادم لأصل ضروري وهو إقامة الحياة، فهو مأمور به من هذه الجهة ومعتبر ومحبوب من حيث هذا الكلي المطلوب، فالأمر به راجع إلي حقيقة كلية، لا إلى اعتبار جزئي.. ومن هنا يصح كونه هدية يليق فيها القبول دون الرد، لا من حيث هو جزئي معين. والثاني: إما أن يكون خادمًا لما ينقض أصلًا من الأصول الثلاثة المعتبرة أو لا يكون خادمًا لشيء كالطلاق، فإنه ترك للحلال الذي هو خادم لكلي: إقامة النسل في الوجود، وهو ضروري لإقامة مطلق الألفة والمعاشرة واشتباك العشائر بين الخلق، وهو ضروري أو حاجي أو مكمل لأحدهما، فإذا كان الطلاق بهذا النظر حرامًا لذلك المطلوب ونقضًا عليه كان مبغضًا، ولم يكن فعله أولى من تركه، إلا لعارض أقوى وعدم إقامة حدود الله، وهو من حيث كان جزئيًا في هذا الشخص وفي هذا الزمان مباح وحلال (١) .


(١) الموافقات للشاطبي: ١/٢٨، وانظر مبحث تنظيم الأسرة للشيخ أبو زهرة، وهو من بحوث المؤتمر الثاني لمجمع البحوث الإسلامية.

<<  <  ج: ص:  >  >>