للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإليك هذا المثل: إن استخراجك لحجارة سليمة صالحة لتشييد بناء بها لا يتم في أي تربة أو مكان، إلا من خلال تجميع ركام من الرمال وفتات الحجارة تتكاثر أمامك، وقد تتوهم بادئ الأمر أن هذا الركام شيء لا يجدي شيئًا، ولكن ما أن تتهيأ الحجارة الكبيرة أمامك حتى تتنبه إلى أن ذاك الذي كنت تحسبه ركامًا لا فائدة منه شرط أساسي لإقامة بناء متماسك.

لا أظن أن بين هذا المثال والمجتمعات الإنسانية أي فارق إلا في اختلاف الجنس وتفاوت حجم المثال.

وتبدو لنا ثمرة هذا الذي نقول فيما نلاحظه من كثرة أصحاب الاختصاصات العميقة والمهارات المتنوعة في الأمم الكثيفة الأعداد (شريطة أن لا تكون كسولة ميالة إلى الدعة) .

ومن هبوط عدد هؤلاء الرجال في الأمم التي هي أقل عددًا إلي نسبة أقل بكثير مما يقتضيه الفرق العددي بين حجم كل من الأمتين.

ويقرر الدكتور عبد الكريم اليافي بالإضافة إلى هذا حقيقة أخرى إذ يقول: وربما كان في هذا ما يفسر حصول الابتكار والاختراع والكشوف في البلاد الكبيرة على أنه ربما يكون الأفراد في البلاد الصغيرة على درجة عالية من الثقافة ولكن الابتكار والاختراع والكشوف في الغالب من نصيب البلاد الكبيرة (١) .

ويقول جاك أوستروي في كتابه: الإسلام والتنمية الاقتصادية مؤكدًا هذه الحقيقة الهامة: وإذا كان الازدياد الكبير في السكان يشكل فيما يبدو أخطارًا اقتصادية لا يمكن إنكارها في بلاد أخرى، فإن هذا الواقع له جانب مفيد أيضًا، وهو تحول التركيب البشري في اتجاه اقتصادي مفيد بإنقاص عدد الأشخاص الذين لا ينتجون اقتصاديًا بالنسبة لعدد المنتجين، وبالتالي يحدث دفعًا مبدعًا له دور أساسي في عملية التنمية (٢) .


(١) المجتمع العربي ومقاييس السكان: ص ٣٣.
(٢) الإسلام والتنمية الاقتصادية لجاك استروي، ترجمة الدكتور نبيل الطويل: ص ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>