للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأي الفقهاء في العزل:

الأصل عند الجمهور هو جواز العزل إلا أنهم اختلفوا في اشتراط إذن الزوجة له أو عدم اشتراطه، وذلك على النحو التالي:

١- نص الحنفية على إباحة العزل بعد إذن الزوجة، إذا كانت بالغة، إذ غير البالغة لا ولد لها، وكالبالغة المراهقة إذ يمكن بلوغها وحبلها. وقد نقل ابن عابدين عن بعض كتب المذهب، أن الزوج إذا خاف من الولد السوء، فله العزل بغير رضاها بسبب فساد الزمن (١) وهذه وجهة نظر الحنابلة أيضًا، قال ابن قدامة: " ولا يعزل عن زوجته الحرة إلا بإذنها" (٢) معللا لذلك بأن للزوجة حقًا في الولد. وعليها في العزل ضرر فلم يجز إلا بإذنها (٣)

وهل الاستئذان واجب أو مستحب؟ قال القاضي الحنبلي: " ظاهر كلام أحمد وجوب استئذان الزوجة في العزل، ويحتمل أن يكون مستحبًا لأن حقها في الوطء دون الإنزال " (٤) .

وبإباحة العزل قال المالكية أيضًا. فقد ذكر الدردير أن للزوج العزل إذا أذنت له الزوجة بذلك (٥) ونص الخرشي على مثل هذا بقوله: " يجوز للرجل أن يعزل عن زوجته. لكن إن كانت أمة فلا بد من إذنها وإذن سيدها.. وإن كانت حرة فيكفي أذنها وإن لم يأذن وليها (٦) .

وفي مذهب الشافعية ما يؤيد هذا الرأي أيضًا، فقد ذكر الفيروزآبادي الشافعي، أن الرجل إذا عزل عن زوجته الحرة، إن كان العزل بإذنها جاز، لأن الحق لهما، ولو لم تأذن الزوجة بالعزل ففيه وجهان: " أحدهما لا يحرم لأن حقها في الاستمتاع دون الإنزال، والثاني يحرم لأنه يقطع النسل من غير ضرر يلحقه" (٧) .

٢- ونص الغزالي الشافعي في الإحياء على إباحة العزل دون اشتراط أذن الزوجة، وقد نفى أن يكون ذلك مكروها كراهة تحريم أو تنزيه، معللًا لذلك بقوله: " لأن إثبات النهي إنما يكون بنص أو قياس على منصوص، ولا نص ولا أصل يقاس عليه، بل ههنا أصل يقاس عليه وهو ترك النكاح أصلا أو ترك الجماع بعد النكاح أو ترك الإنزال بعد الإيلاج فكل ذلك ترك للأفضل وليس بارتكاب منهي " (٨)


(١) انظر حاشية رد المحتار على الدر المختار ١٧٥/٣
(٢) انظر المغني ٢٩٨/٧
(٣) انظر ابن قدامة في المصدر السابق وكذا منتهى الإرادات للنجار ٢٢٧/٢
(٤) المصدر السابق أيضًا
(٥) انظر الشرح الكبير على سيدي خليل ٢٦٦/٢
(٦) الخرشي علي سيدي خليل وبهامشه حاشية الشيخ العدوي في ٢٢٥ / ٣
(٧) المهذب طبعة البابي الحلبي ٦٦/٢
(٨) إحياء علوم الدين ٥٣/٢

<<  <  ج: ص:  >  >>