للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دليل الجمهور فيما ذهبوا إليه:

استدل الجمهور على إباحة العزل للزوج من زوجته سواء من اشترط منهم إذنها أو لم يشترط بالروايات الصحيحة الواردة عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم والتي تشعر بجواز ذلك منها:

أ – ما جاء في الصحيحين عن جابر رضي الله عنه قال: " كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل لو كان شيء ينهى عنه لنهانا عنه القرآن " (١) .

والحديث فيه دليل على فعل الصحابة للعزل في زمن التشريع ولو كان حرامًا لما أقرهم الوحي عليه.

ب- واستدلوا كذلك بما رواه أحمد وأبو داود عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رجلًا قال: يا رسول الله، إن لي جارية، وأنا أعزل عنها، وأنا أكره أن تحمل، وأنا أريد ما يريد الرجال، وأن اليهود تحدث أن العزل الموءودة الصغرى قال: كذبت اليهود لو أراد الله أن يخلقه ما استطعت أن تصرفه (٢) .

وجه الإستدلال من هذا الرواية، أن الرسول صلى الله عليه وسلم فند مزاعم اليهود في تسميتهم العزل بالموءدة الصغرى: وقوله: " لو أراد الله أن يخلقه ... الحديث" معناه أنه تعالى إذا قدر خلق نفس فلا بد من خلقها بأن يسبق الرجل ماؤه من غير شعوره فلا يقدر على دفعه فينفذ الله ما قدره، وفي هذا دليل على جواز العزل (٣) .

وقد جزم ابن حزم الظاهري بتحريم العزل (٤) . وقالت الزيدية بكراهيته (٥) .

وقد استدل الظاهرية بما رواه مسلم عن جذامة بنت وهب قالت حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس وهو يقول: " لقد هممت أن أنهى عن الغيلة فنظرت في الروم وفارس فإذا هم يغيلون أولادهم فلا يضر ذلك أولادهم شيئًا ثم سألوه عن العزل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ذلك الوأد الخفي " (٦) والغيلة والغيال بكسر الغين، والمراد بها مجامعة الرجل امرأته وهي ترضع وقيل هي: أن ترضع المرأة وهي حامل، ويعتبر الأطباء ذلك داء، وكانت العرب تكرهه وتتقيه، وقد فند النبي عليه الصلاة والسلام هذه المزاعم لما ثبت عنده من فعل فارس والروم ذلك دون أن يلحق أولادهم ضرر من جرائه (٧) .


(١) الحديث متفق عليه انظر سبل السلام ١٤٦/٣إلا أن قوله " لو كان شيء ينهى عنه.. إلخ " لم ترد في صحيح البخاري وإنما رواه مسلم من كلام سفيان أحد رواته، وظاهره أنه قاله استنباطًا ذكر ذلك الصنعاني في المصدر السابق
(٢) انظر الصنعاني في المصدر السابق
(٣) المصدر السابق
(٤) المحلي ٧٨/١٠ المسألة ١٩٠٧
(٥) الروضة الندية شرح الدرر البهية لأبي الطيب القنوجي ٤٢/٢
(٦) جذامة بنت وهب أخت عكاشة بن محصن من أمه انظر الصنعاني ١٤٥/٣
(٧) انظر الصنعاني في سبل السلام أيضًا ١٤٥/٣

<<  <  ج: ص:  >  >>