للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تشدد المالكية في هذه المسألة، إذ منعوا إسقاط الجنين ولو قبل الأربعين يومًا على ما هو المعتمد في المذهب. جاء في الشرح الكبير للدردير " ولا يجوز إخراج المني المتكون في الرحم ولو قبل الأربعين يومًا، وإذا نفخت فيه الروح حرم إجماعًا " (١) . وجاء في الخرشي ما يؤيد ذلك أيضًا فقد نص على ما يلي: " لا يجوز للمرأة أن تفعل ما يسقط ما في بطنها من الجنين، وكذا لا يجوز للزوج فعل ذلك ولو قبل الأربعين، وقيل يكره قبل الأربعين للمرأة شرب ما يسقطه إن رضي الزوج بذلك" (٢) . على أن الخرشي قد نقل عن أحد أئمة المذهب ما يفيد جواز الإسقاط قبل الأربعين (٣)

وعلى هذا الرأي، يكون للمالكية رأيان في جواز إسقاط ما في الرحم قبل الأربعين يومًا، الجواز وعدمه، أما بعد الأربعين فلا يجوز إسقاطه قولًا واحدًا.

أما الشافعية فمذهبهم تصوره عبارة البجيرمي نقلًا عن ابن حجر إذ يقول: " اختلف الشافعية في سبب الإسقاط ما لم يصل لحد نفخ الروح فيه، والذي يتجه وفاقًا لابن عماد وغيره الحرمة" وفرق بين ذلك وبين العزل، فإن المني حال نزوله محض جماد ولم يتهيأ للحياة بوجه (٤) بخلافه بعد استقراره في الرحم، وأخذه في مبادئ التخلق. ثم يمضي البجيرمي قائلًا: إن في بعض الكتب خلاف ذلك أخذا من قول ابن حجر والذي يتجه الحرمة.

ومقتضى ذلك أن بعض الشافعية يقول بعدم حرمة الإسقاط قبل نفخ الروح، واستنتج البجيرمي من قول ابن حجر- " وأخذه في مبادئ التخلق " أنه يفيد عدم الحرمة قبل ذلك (٥)

وقد نص الشبراملسي أنهم اختلفوا في جواز التسبب في إلقاء النطفة بعد استقرارها في الرحم، وأن أبا إسحق المروزي يجوز إلقاء النطفة والعلقة. ونقل عن الغزالي: أورد في بحث العزل، ما يدل على تحريمه وقال: إنه الأوجه لأنه بعد الاستقرار آيلة للتخلق (٦) .


(١) انظر ٢٦٦/٢وكذا حاشية الدسوقي على الشرح المذكور بنفس الموضوع، وقد عقب على ذلك بقوله: " هذا هو المعتمد".
(٢) انظر ٢٥٥/٣
(٣) انظر المصدر السباق وقد جاء فيه ما نصه: " والذي ذكره الشيخ عن أبي الحسن أنه يجوز قبل الأربعين"
(٤) انظر ٢٦٦/٢
(٥) المصدر السابق أيضا
(٦) انظر نهاية المحتاج ١٧٩/٦

<<  <  ج: ص:  >  >>