للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي مذهب الزيدية ما يؤيد اتجاه الفقهاء الآخرين، فيرون كما يحكي مذهبهم صاحب البحر الزخار " أنه يجوز القاء النطفة والعلقة والمضغة لأنه لا حرمة لهذه الأشياء" (١) . ونص في موضع آخر على أنه " لا شيء فيما لم يتبين فيه التخلق والتخطيط كالمضغة " ثم قال: " إنه لا كفارة في المستبين لأن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالغرة ولم يذكر الكفارة".

خلاصة الآراء:

ومن كل ما عرضنا في هذا الموضوع يتبين أن الإتجاه، لا تختلف فيه وجهة النظر في أن الإجهاض بعد نفخ الروح عمدًا محرم شرعًا، وقد حكى اتفاق العلماء هذا ابن قدامة حيث قال: " وإذا شربت الحامل دواء فألقت به جنينًا فعليها غرة، لا ترث منها شيئًا وتعتق رقبة" (٢) ويمضي قائلًا:" ليس في هذه الجملة اختلاف بين أهل العلم نعلمه" (٣) .

وقد انفرد الزركشي من أئمة الشافعية، بجواز ذلك للأم عند الضرورة، كما حكاه الخطيب الشربيني والذي أشرنا إليه سابقًا.

أما قبل نفخ الروح في الجنين فقد اختلفت وجهات نظرهم على ما بينا.

والذي أرجحه في هذه المسالة: هو حرمة الاعتداء على الجنين بعد نفخ الروح فيه بأي وسيلة كانت، سواء بشرب دواء من الأم أو بإجراء عملية جراحية أو غير ذلك فيما لو تأكد لنا بث الروح فيه، لأن الإجهاض عليه إزهاق لروحه وهذا لا يجوز. وما ذهب إليه الزركشي من جواز ذلك عند الضرورة ينقصه الدليل.

أما قبل نفخ الروح في الجنين، فإن دعت الضرورة لإسقاطه كالخوف على هلاك الأم من مرض أو ما أشبهه، فلا أرى مانعًا من إسقاطه، أما إجهاضه لغرض تنظيم النسل بعد استقراره في رحم المرأة، فلا أرى جوازه؛ لأنه ليس بضرورة وبإمكان الزوجين الأخذ بالوسائل المشروعة لتنظيم النسل والذي فصلنا فيها القول عند كلامنا عن العزل.


(١) انظر البحر الزخار ٤٥٧/٥
(٢) المغني ٤١٨/٨
(٣) المغني ٤١٨/٨

<<  <  ج: ص:  >  >>