الأولى: قال المنادون بتحديد النسل: إن الإسلام أباح العزل فقد صحت الأحاديث بجوازه وفعله من بعض الصحابه، وما المراد بالعزل إلا منع الحمل والولد؟ الجواب على هذا من وجهين:
الأول: إن الأحاديث الواردة في هذا الباب قد اختلفت فبعضها أباح العزل وبعضها منعه، فمن الأحاديث المبيحة ما في الصحيحين عن جابر قال:" كنا نعزل والقرآن ينزل "، ومنها ما جاء في صحيح مسلم عنه قال:" كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم فلم ينهنا " وغير ذلك من الأحاديث المفيدة بجواز العزل.
أما الأحاديث الناهية عن العزل فمنها ما رواه مسلم من حديث عائشة عن جذامة بنت وهب قالت: حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس فسألوه عن العزل، فقال صلى الله عليه وسلم:" ذلك الوأد الخفي " وهو قوله تعالى: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (٨) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} (١)
وبناء على تعارض الأحاديث فيه فقد اختلف العلماء في حكمه فذهب الأئمة الثلاثة إلى جوازه، وذهب الإمام أحمد إلى تحريمه إلا إذا أذنت الزوجة المشاركة للزوج في اللذة والولد، وذهب ابن حزم والظاهرية إلى تحريمه مطلقا.
وذهب إلى تحريم تحديد النسل غالب علماء عصرنا منهم مفتي الديار السعودية سابقا الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، ومفتي الديار السعودية حاليا الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، وأخذ بالتحريم هيئة كبار العلماء بالمملكة ومجلس المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة، ولكل من هذين المجلسين الكبيرين قرارهما الآتي إن شاء الله.
أما تعارض الأحاديث في ذلك فأحسن ما يقال في ذلك إن حديث عائشة ناسخ لأخبار الإباحة، فإنه ناقل عن الأصل وأحاديث الإباحة على وفق البراءة الأصلية وأحكام الشرع ناقلة عن البراءة الأصلية. وهذه طريقة ابن حزم رحمه الله تعالى.