للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاء في الصحيحين من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه وعمله وشقي أو سعيد ".

والنصوص في هذا مستفيضة من الكتاب والسنة بأن الله تعالى هو المتكفل برزق خلقه وإنما عليهم الأسباب الظاهرة، وقال تعالى: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٩) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} (١) .

فيا عجبا: هل نؤمن بكلام أصحاب هذه الأفكار القاصرة والمعلومات المحدودة والأفهام المنحرفة؟ أم نؤمن بكلام خالق السماوات والأرض الذي بارك فيها وقدر فيها أقواتها وأرزاق أهلها بما بسط لهم من الأرض وأجرى من الأنهار والعيون وأخرج لهم من الثمار والغلات التي جاء تقديرها من لدن حكيم خبير؟

الوجه الثاني:

أما تزايد السكان في الأرض فليس موضع خيفة وخطر على سعادة البشرية وإنما زيادة السكان زيادة في ثروة عظيمة من زيادة العلوم النافعة والاختراع المفيد والأيدي العاملة والقيام بكل مرافق الحياة إذا نظمت هذه الطاقة البشرية ونسقت. والخالق جل وعلا لما أوجب على نفسه رزق خلقه بقوله: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} (٢) أودع هذه الأرض التي يسكنها البشر كل حاجات هذه المخلوقات من عناصر الغذاء ومقومات الحياة وكنوز الأرض وجعل في هذه المخلوقات القدرة على الحصول على رزقها المودع فيها، وهذه هي الصورة اللائقة بحكمة الله تعالى ورحمته في خلق الكون وأمرهم بالسعي وحثهم على كسب الرزق حيث قال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} (٣) .


(١) فصلت [٩، ١٠]
(٢) هود [٦]
(٣) الملك [١٥]

<<  <  ج: ص:  >  >>