للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما قال تعالى في بيان المنهج الرشيد: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} (١) .

وقال: {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آَمِنُونَ} (٢)

ولم ينقص هذا الإرشاد ولا هذا التحذير من عاطفة الأبوة المتأججة بل استمر تأججها ضمانًا لبقاء العطف والرحمة وضمانًا لاستمرار الحياة وبقاء النوع البشري. وهذا أسوتنا الحسنة وسيد الأنام صلى الله عليه وسلم يستجيب لأزكى مشاعر الأبوة فينزل من أعلى المنبر ويقطع خطبته لأصحابه من أجل الحسن والحسين رضي الله عنهما، أخرج الترمذي من طريق الحسين بن حريث عن عبد الله بن بريدة (٣) قال سمعت أبا بريدة رضي الله عنه يقول: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبنا إذا جاء الحسن والحسين عليهما السلام، عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه، ثم قال: " صدق الله العظيم {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما " (٤)


(١) ٩/المنافقون.
(٢) ٣٧/ سبأ.
(٣) هو أبو عبد الله بريدة بن الحصيب (بضم الأول وفتح الثاني فيهما) الأسلمى روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعنه ابناه: عبد الله وسليمان، وعبد الله بن أوس الخزاعي، والشعبي والمليح بن أسامة وغيرهم – شهد خيبر، وَفَتَحَ مكة واستعمله الرسول صلى الله عليه وسلم على صدقات قومه ذكر ابن سعد أن وفاته كانت في خلافة يزيد بن معاوية سنة (٦٣هـ) ابن حجر. التهذيب: ٥٤/١-٥٥، عدد ٧٩٧.
(٤) قال الترمذي: حديث حسن غريب، انظر سننه: مناقب ٣٠، وانظر عارضة الأحوذي: ١٩٥/١٣. (ط دار الكتاب العربي، بيروت) .

<<  <  ج: ص:  >  >>