للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما هو نص في أن المراد من الزواج التناسل والتكاثر ما أخرجه أبو داود بسنده عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني أصبت امرأة ذات حسب وجمال، وإنها لا تلد، أفأتزوجها؟ قال: لا – ثم أتاه الثانية فنهاه، ثم أتاه الثالثة فقال: تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم " (١) .

نعم لا خلاف أن الإسلام لا يرضي التبتل ولا رهبانية النصارى، كما جاء عن سعد بن أبي وقاص أنه قال: " رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتل ولو أذن له لاختصينا " (٢) ونظيره ما أخرجه الترمذي وابن ماجه من طريق زيد بن أخزم الطائي وغيره قالوا: حدثنا معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن الحسن عن سمرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التبتل وزاد زيد بن أخزم: وقرأ قتادة: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً} (٣)

كما لا يرضى الإسلام لمن هفا إلى الزواج – وحري به أن يهفو – أن يخبط خبط العشواء بل عليه أن يتخير القرين الكفء والصالح، لأن هذا القرين سيصبح أقرب الناس إليه وألصقهم به وأشركهم في متاعه، وليس هذا القريب بالمنفك عن قرينه المشدود إليه بعقد الزواج حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولا، وليس في حياة القرينين – قران زواج – مسؤولية أثقل ولا عمل أدق وأخطر من إنجاب الذرية وتنشئتهم التنشئة الصالحة والطيبة، لذا وضح رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته الطاهرة معالم الطريق، وذلك بوضع المقاييس الصحيحة والموازين القسط في هذا المضمار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض " وفي رواية: " إذا أتاكم - وأخرى: إذا جاءكم - من ترضون دينه وخلقه. . . " إلخ (٤) .


(١) سنن أبي داود: نكاح (٣) وللنسائي مثله.
(٢) سنن الترمذي: نكاح (٢) سنن ابن ماجه: نكاح (٢) . وفي رواية الطبري أن عثمان بن مظعون قال: يا رسول الله أتأذن لي في الاختصاء؟ قال: " إن الله أبدلنا بالرهبانية الحنيفية السمحة ". الشوكاني. النيل: ٢٩٩/٦-٢٣٠ (ط لبنان، دار الجيل ١٩٧٣) .
(٣) عين المصدرين.
(٤) رواه الترمذي: نكاح (٣) وابن ماجه، نكاح (٤٦) من طريق عبد الحميد بن سليمان الأنصاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، ورجح الترمذي أنه مرسل ثم رواه من حديث أبي حاتم المزني رضي الله عنه وحسنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>