للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعتبر في القرين سواء كان زوجًا أو زوجة من الاستعداد والخصال ما يتحققه مع السكن وحسن العشرة سواء قبل الإنجاب أو بعده، ثم حسن القوامة على سير الأسرة وعلى تربية الأبناء وتعليمهم وسد حاجاتهم بعد الإنجاب؛ لذا جاءت بعض الأحاديث ترشد إلى تخير الزوجة كما تتخير التربة فقال صلى الله عليه وسلم فيما يروى عن عائشة رضي الله عنها ((تخيروا لنطفكم وانكحوا الأكفاء وأنكحوا إليهم)) (١) .

ولن يوفق الزوجان في بحثهما عن الكفء وعن حياة راضية حتى يضعا في الاعتبار الإيمان والتدين قبل كل اعتبار آخر من مال أو جمال أو نسب، وفي الزوجة المؤمنة نسوق حديث ثوبان رضي الله عنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لما نزل في الفضة والذهب ما نزل، قالوا: فأي المال نتخذ؟ - قال عمر: فأنا أعلم لكم ذلك فأوضع على بعيره، فأدرك النبي صلى الله عليه وسلم وأنا في أثره فقال: يا رسول الله: أي المال نتخذ؟ فقال: " ليتخذ أحدكم قلبًا شاكرًا، ولسانًا ذاكرًا، وزوجة مؤمنة تعين أحدكم على أمر الآخرة ". (٢) وليس أمر الآخرة بالهين إذا لم تعن عليه الزوجة ولم تستعن فيه بزوجها، ولقد جاء الخطاب عامًّا لأرباب التكليف والمسؤولية من الذين آمنوا فقال الحق تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} (٣) والمخاطب في الآية كل مكلف من المؤمنين في خاصة نفسه من جهة، وفي عامة أهله من جهة أخرى، وبذلك تتوافر دواعي الوقاية لكل فرد.

وفي اختيار الدين قال صلى الله عليه وسلم: " تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك " (٤) .

وقد لا يجتزي الزوج بالزوجة المؤمنة المتدينة، بل قد يطلب فوق ذلك أن تكون الزوجة صالحة فما المراد بالزوجة الصالحة؟ هي التي سماها الحديث بهذا الاسم وهي التي عرفها صلى الله عليه وسلم في قوله الصادق: " ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيرًا له من زوجة صالحة: إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها سرته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله (٥) فليست الزوجة صالحة حتى يشمل صلاحها نفع زوجها وأبنائها، وليس الزوج صالحًا حتى يكون صالحًا لأهله، وهل يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم غير هذا حين قال: " خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي " (٦)


(١) رواه ابن ماجه من طريق الحارث بن عمران المدني الذي قال فيه أبو حاتم: ليس بالقوي، انظر: نكاح: (٤٦) .
(٢) ابن ماجه: نكاح: (٥) . ورواه الترمذي في التفسير وحسنه.
(٣) ٦/التحريم.
(٤) حديث أبي هريرة رضي الله عنه رواه أصحاب الصحاح إلا الترمذي، ولمسلم والترمذي قريب منه، انظر الشوكاني النيل: ٢٣٢/٦-٢٣٣.
(٥) رواه ابن ماجه من حديث أبي أمامة رضي الله عنه، نكاح: (٥) ورواه النسائي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وله شاهد من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وعن ابن عباس عند أبي داود والحاكم بلفظ: (ألا أخبركم بخير ما يكنز المرء؟ المرأة الصالحة إذا نظر إليها سرته، وإذا غاب عنها حفظته، وإذا أمرها أطاعته) ونحوه عن ثوبان عن الترمذي.
(٦) هو حديث عائشة أخرجه الترمذي، انظر: مناقب (٦٣) ومن حديث ابن عباس أخرجه ابن ماجه انظر: نكاح (٥٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>