للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الجواز الذي صححه الغزالي في المذهب وصححه الحافظ عند المتأخرين هو الذي عزاه ابن جزي في القوانين إلى الإمام الشافعي حيث قال: "لا يجوز العزل عن الحرة إلا بإذنها ولا عن الزوجة الأمة إلا بإذن سيدها لحقه في النسل، ويجوز عن السرية بغير إذنها وأجازه الشافعي مطلقا" (١) .

أما حكم العزل كما جاء في المهذب فهو دائر بين الكراهة والحرمة حيث قال: " (فصل) ويكره العزل لما روت جذامة بنت وهب ... إلخ".

ثم يفصل بين أمته وزوجته المملوكة وزوجته الحرة، فلا حرمة فيه عن أمته؛ لأن الاستمتاع لا حق لها فيه، ولا حرمة فيه عن زوجته الرقيقة؛ لأنه يلحقه العار باسترقاق ولده منها.

ثم يقول في الحرة: وإن كانت حرة، فإن كان بإذنها جاز لأن الحق لهما، وإن لم تأذن ففيه وجهان: أحدهما لا يحرم؛ لأن حقها في الاستمتاع دون الإنزال، والثاني يحرم؛ لأنه يقطع النسل من غير ضرر يحلقه (٢) ومن وجوه الخلاف في المذهب الشافعي ما حكاه الروياني في منع العزل مطلقا كمذهب ابن حزم (٣) .

عند الحنفية:

سلك الحنفية في بيان حق الزوجة الحرة في الوطء وما يترتب على ذلك من طلب إذنها للعزل عنها على وفق المشهور في باقى المذاهب السنية فقالوا: إن الحرة لا يعزل عنها إلا بإذنها، وإن المتسري بها يعزل عنها بغير إذنها وفي الزوجة الرقيقة قال أبو حنيفة مثل قول مالك: إن الإذن لسيدها، وهو القول الراجح عن محمد بن الحسن، أما أبو يوسف فيرى أن الإذن لها، وعن محمد أنه جنح لما قاله أبو يوسف وهذا ما نقله صاحب الهداية إذ قال: "إذا تزوج أمة فالإذن في العزل إلى المولى عند أبي حنيفة رحمه الله وعن أبي يوسف ومحمد رحمهما الله أن الإذن في العزل إليها؛ لأن الوطء حقها حتى تثبت لها ولاية المطالبة، وفي العزل تنقيص حقها، فيشترط رضاها كما في الحرة، بخلاف الأمة المملوكة لأنه لا مطالبة لها فلا يعتبر رضاها" (٤) .


(١) انظر: القوانين الفقهية: ٢١٧ الدار العربية للكتاب - ليبيا - تونس: ١٩٨٨
(٢) انظر المهذب: ٦٧/٢.
(٣) عن فتح الباري ٣٠٨/٩.
(٤) المرغياني: الهداية: ٢١٧/١ (ط-المكتبة الإسلامية) .

<<  <  ج: ص:  >  >>