ونعني بذلك تربيته الجسمانية وما سيكون لها من استعداد وطاقة لتغذية عقل مدرك ونفس كبيرة، وقد ردد حكماء العصر: أن العقل السليم في الجسم السليم.
إن حياة الجنين في مرحلته الثانية هي حياة مخلوق له روح ويمر بمراحل الاكتمال لينزل إلى دنيا الناس بشرا سويا.
وبناء على الفارق الواضح بين مرحلة الإعداد والنمو أو مرحلة التكوين الجسمي المحض، ومرحلة الحس والحركة، وهي مرحلة ما بعد نفخ الروح، حيث أصبح الجنين يحس فتحس الأم بإحساسه ويألم فتألم الأم بآلامه.
أدرك الأطباء الفرق الكبير بين إجهاض المرأة قبل نهاية الشهر الرابع أي قبل نفخ الروح، والجنين حينئذ ليس إلا كتلة من الخلايا أو قطعة من اللحم خالية من حياة ذوي الأرواح وإنما حياتها مثل حياة عالم الجمادات، وبين الإجهاض بعد نفخ الروح، فالإجهاض في المرحلة الأولى ليس فيه خطورة على الأم كالإجهاض في المرحلة الثانية.
بناء على هذه المدركات التي اشترك فيها علماء التشريح وعلماء الشريعة حصل الإجماع على الأمرين التاليين:
الأول: إن الإجهاض ليس كالعزل، إذ في الإجهاض جناية على موجود بخلاف العزل.
الثاني: إن الإجهاض قبل نفخ الروح ليس كالإجهاض بعده؛ لأن الإجهاض قبل نفخ الروح جناية على أصل الجنين وبذرته، أما بعده فالجناية على كائن مخلوق له روح.