اتفق علماء المسلمين على أن إسقاط الحمل ومحاربته بعد نفخ الروح جناية محرمة؛ لأنها جناية على حي، وأوجبوا فيها الدية إن نزل حيا، والغرة إن نزل ميتا، وهذا إذا لم تدع ضرورة إلي إسقاطه أو إزالته مثل ضرورة المحافظة على حياة الأم عملا بقاعدة: ارتكاب أخف الضررين وقاعدة: الأصل المستقر قبل الفرع المنتظر، ومثيلتها: لا يعدم الأصل من أجل الحصول على الفرع.
فليس في هذا الأمر خيار للأبوين ولا لغيرهما؛ لأن الحق لله والحكم متعين، فيتعين إسقاطه إذا توقف على ذلك إنقاذ حياة الأم، وثبت ذلك من طريق موثوق، كما يتعين إبقاؤه واحترام حياته كما تحترم حياة كل إنسان – فيما عدا ذلك.
أما قبل نفخ الروح يعني قبل نهاية الشهر الرابع من الإخصاب فقد جرى في ذلك خلاف بين العلماء، ومبنى هذا الخلاف شيئان:
أ - هل يعتد بحياة الإعداد والنمو؟ وهل لها حرمة كحياة من نفخت فيه الروح؟
ب - لمن الحق في الولد؟ هل للأب؟ أو للأبوين؟ أو لهما وللأمة جميعا؟
من العلماء من اعتبر حياة المادة التي منها يتكون الجنين قبل نفخ الروح ولم يفرق بينهما وبين حياة الجنين بعد نفخ الروح، باعتبار أن الوجود حاصل في الكل، وأن الحياة أمر لا ريب فيه في الكل، وإن اختلفت هذه الحياة تبعا للأطوار التي يمر بها هذا الجنين، وبناء على ذلك لا يجوز الإجهاض بدون عذر معتبر شرعا، وتشتد الحركة من طور لآخر فليست حرمة إسقاطه قبل نفخ الروح كالحرمة فيما بعد ذلك بدليل ما أسلفنا من وجوب الدية في حالات، ووجوب الغرة في حالات أخرى، مع ما يقترن به ذلك من تعزير يقدره القاضي بحسب جسامة الجريمة فليس إسقاط الحمل في طور النطفة كإسقاطه في طور العلقة وهكذا.