للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر علينا أبا عبيدة نتلقى عيرا لقريش وزودنا جرابا من تمر، لم يجد لنا غيره قال: فكان أبو عبيدة يعطينا تمرة تمرة قال: قلت: كيف تصنعون بها؟ قال: نمصها كما يمص الصبي، ثم نشرب عليها من الماء فتكفينا يومنا إلى الليل" (١) إلى آخر الحديث فما كانت المادة لتعوق عن المهمات العسكرية وقضايا الجهاد، فكيف نتخذ منها تعلة لتحديد النسل؟ مع أن الذي يهدد نسلنا إنما هو تدهور القيم وانحطاط الأخلاق أو ما سماه بعض الحنفية بفساد الزمن الذي يبيح التحرز من الإنجاب.

٣- أن تكون الدولة ذات أخلاق ومصداقية: ذات أخلاق تدفعها إلى التعامل مع أحكام الإسلام بصدق، وذات مصداقية؛ لأنها لا تتناقض مع نفسها فالدولة إذا شجعت على كثرة النسل تفقد مصداقيتها إذا لم توفر لهذا النسل ما به ينشأ على الإيمان بالله والاستقامة وحسن التربية والإقبال على مختلف العلوم والمعارف.

والدولة إذا نفرت من كثرة النسل بدعوى العجز الاقتصادي ومحدودية الدخل والموارد بالنسبة للأمة لا يبقى شيء من مصداقيتها، ولا يسمع لها قول أو قرار أو رأي إذا هي بذرت الأموال في ميزانها للتصرف واستوردت المحظورات وأكثرت من شراء الكماليات وسمحت للأيدي أن تجول في الأموال والأملاك العمومية، وهل يدعو إلى الرشاد من لم يرشد؟

أمر النسل تكثيرا أو تحديدا أو تنظيما أو إعقاما أو إجهاضا له صلة بعقيدة المسلم وشريعته فلا يتقبل فيها المسلم ما يقوله العلمانيون ولو صادف الحق وواقع التشريع، حتى يسمع من علماء المسلمين الذين ورثوا عن الأنبياء أمر البلاغ لهذه الأمة ولعل أمر هذا البلاغ هو خير ما دعا إلى تأسيس مجمعنا الفقهي الإسلامي هذا.

والحمد لله بدءًا وختاما مع خير صلاة وأزكى سلام على الحبيب رسول الله.

الطيب سلامة


(١) المسند: ٣١١/٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>