للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرأي المختار:

يمكننا في مسألة جواز تنظيم الأسرة بتحديد النسل أن نلاحظ النقاط التالية لنصل إلى الرأي المختار في النتيجة:

النقطة الأولى: لا ريب - بملاحظة النصوص الكثيرة والمتنوعة - في أن الشريعة تحث على الإنجاب وتكثير النسل باعتباره مبدأ عاما وأصلا اجتماعيًّا يعتمده المسلمون، وقد بينت النصوص أن ذلك لكي تقوى به الأمة الإسلامية ويباهي بها الرسول باقي الأمم، وطبيعي ذلك باعتبار الأمة الإسلامية يراد لها أن تقود البشرية كلها حضاريًّا؛ لأنها خير أمة أخرجت للناس ولا يمكنها أن تحقق وظائفها وهي ضعيفة من حيث العدد الكمي.

إلا أن من الواضح أن التكاثر المراد ملحوظ فيه الجانب الكيفي أيضًا فالتركيز كله على الذرية الصالحة الطيبة المتقية التي تحمل أمانة الآباء وتخلفهم في حمل الرسالة الإسلامية والقيام بأعباء الخلافة الإلهية، وحينئذ فقط يفرح المجتمع الإسلامي بالإنجاب والتوالد الكثير.

ومن الواضح أيضا أن الإسلام من خلال ذلك يعطي رأيه في أمثال نظرية (مالتس) التي تتحدث عن بخل الطبيعة في مجال استيعاب معدلات النمو الإنساني في حين أننا نعلم أن الطبيعة تحوي طاقات ضخمة تستوعب أضعاف ما هو موجود اليوم إذا توفر أمران، أولهما شكر النعم الإلهية بالاستفادة الأفضل وتحسين أساليب الإنتاج باستمرار وعدم التبذير والإسراف في الاستهلاك وصرف الأموال على الحروب والأعمال المعادية للإنسانية أو التافهة، وثانيهما العدالة في التوزيع وضمان الحقوق الإنسانية التي ركز عليها الإسلام للإنسان كإنسان.

يقول الله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ (٣٢) وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (٣٣) وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} (١) . فالمشكلة الحقيقية تكمن في ظلم الإنسان وكفره.


(١) سورة إبراهيم الآية ٣٢ - ٣٤

<<  <  ج: ص:  >  >>