النقطة الثانية: ما هو المرجع عند الشك في حكم شرعي لم يمكن إثباته ولا نفيه؟ في مثل هذا المورد يتم البحث على صعيدين:
الأول: صعيد الأصل العملي العقلي.
الثاني: صعيد الأصل العملي الشرعي.
أما على الصعيد الأول: فهناك مسلكان.
المسلك الأول: وهو مسلك نفي الحكم التكليفي عند الشك فيه استنادًا إلى قاعدة عقلية هي (قاعدة قبح العقاب بلا بيان) .
والمسلك الثاني: مسلك حق الطاعة (كما يسميه السيد الصدر) وهو يؤمن بأن حق الطاعة للمولى الحقيقي حق واسع الأبعاد بحيث يشمل كل حكم تكليفي حتى ولو كان محتملا فقط ويؤمن هذا المسلك بأن العقل الإنساني الوجداني يؤمن بهذه السعة للمولى الحقيقي.
أما المسلك الأول فهو يركز على عدم وجود عقاب ما لم يقم دليل قطعي على الحكم مستدلا تارة بأنه لا مقتضى للتحرك وفق الحكم مع عدم الوصول القطعي للتكليف، والعقاب هنا قبيح عقلا.
والواقع أننا لو آمنا بضيق دائرة حق الطاعة بحيث لا تشمل التكاليف المشكوكة لكان هذا الكلام صحيحا ولكنه أول الكلام فيجب تحديد دائرة حق الطاعة أولا وهل تشمل التكاليف المحتملة أم لا؟
كما يستشهد أصحاب هذا المسلك بالعرف العقلاني الجاري بعدم العقاب عند عدم البيان ولكن يجب هنا التمييز بين المولى الحقيقي والمولى العرفي.