يمكن النظر إلى موضوع تحديد النسل على مستويين، الأول فردي محدود بالأسرة والثاني اجتماعي وهو المتعلق بالسياسة العامة للدولة تجاه قضية السكان ومحاولة السيطرة على معدل تزايده، والمسألة الشائكة التي تحتاج إلى نظر وإلى تحرير هي المتعلقة بالمستوى الثاني؛ لأنها مشكلة تمس في زمننا الحاضر مجتمعات كثيرة في بلاد الإسلام وتواجه حكومات متعددة. وسوف نحاول أدناه استجماع الآراء المتعددة في موضوع تحديد النسل وخلافه للوصول إلى موقف محدد في المسألة السكانية بشكل عام.
أ - الأرجح أنه لا يجوز إصدار القوانين التي تحدد عدد الأطفال بالنسبة لكل أسرة، كأن يقال مثلا: إنه لا يجوز للزوجين إنجاب أكثر من ثلاثة أطفال، أو نحو ذلك، كما لا يجوز إرغام النساء بقوة القانون على تناول المواد الكيماوية أو خلافها التي تمنع القدرة على الإنجاب بصفة دائمة أو مؤقتة، ولا استئصال الرحم أو تعقيم الرجال بالقوة، ولا الدعوة إعلاميا إلى قطع النسل؛ لأن ذلك كله يتنافى مع مبدأ الحرية الذي قرره الإسلام للفرد في مجتمعه المسلم وتتناقض مع الفطرة فهي إذن تتناقض مع الإسلام؛ لأنه دين الفطرة.. والأدلة على ذلك كثيرة.
ب - لا يجوز تحريم الزواج، ولا وضع العراقيل القانونية أو الإدارية التي تحول بين الشباب والزواج ما دام أنه يتم ضمن القواعد المعتبرة شرعا؛ لأن الزواج مباح في الإسلام وهذه من الأمور المعروفة من الدين بالضرورة؛ ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم حث على الزواج ورغب فيه ووصفه عليه الصلاة والسلام بأنه من سنته ومن رغب عن سنته فليس منه.
كما لا يجوز منع تعدد الزوجات؛ لأن هذا أمر مباح بنص الكتاب، وكل أمر خالف نصا قطعيا في الشريعة فهو مردود على صاحبه، فلا يجوز عصيانه فقط بل يجب محاربته؛ لأنه يكون مشرعا في الدين ما لم يأذن به الله، والتعدد مسموح به ضمن شروط أهما العدل والاقتدار على النفقة.