لم تكن الوقاية من الحمل بإحدى الوسائل الواقية هي التي حمت وحدها البلاد الأوروبية من الكثافة السكانية، وإنما هي عوامل متعددة أحاطت بهذا المجتمع الذي آمن بأن الأسرة إنما تقوم على الكيف لا على الكم، وعلى سمو تربية الأولاد وتوفير وسائل العيش لهم لا على كثرتهم.
وأهم هذه العوامل التي ساعدت على انتشار فكرة تحديد النسل هي:
١ - النهضة الصناعية: وما جلبته من أيد عاملة نازحة كونت كثافة سكانية في المدن، ورغبة في رفع مستوى المعيشة، فكان تحديد النسل وسيلة لمواجهة تلك الضغوط.
٢ - مشاركة النساء في العمل: وعجزهن عن القيام بشؤون رعاية البيت والأولاد مع ذلك، إذ كثرتهم تعوق المرأة عن مواصلة عملها خارج البيت.
٣ - فقدان التوازن بين الطموح الشخصي وبين المستوى الاقتصادي والاجتماعي: وتعلق الطبقات الكادحة بإيصال أبنائهم إلى أعلى المراتب أسوة بمطامح الطبقات الغنية. وهذا لا يتحقق إلا بقلة الأولاد.
٤ - انتشار المبدأ المادي الإلحادي: الذي قطع الصلة بالله الرزاق المجير المنعم المتفضل وجعل الإنسان يفكر في حدود ضيقة، لا يؤمل من الحياة إلا موارده المادية المحدودة.
٥ - الانغماس في الاستمتاع الشخصي: إلى أبعد حدوده، فلا يريد الزوجان الإنجاب؛ لأنه - حسب زعمهما - يعكر صفو حياتهما، ومسؤوليات الأبناء تقف حجر عثرة أما شهواتهما ورغباتهما الشخصية وتمتعهما بملذات الحياة.