للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يتم ذلك إلا بتدخلها تدخلا مباشرا في تنظيم الأسرة، وإخراجها من دائرة الحيرة والفوضى والتعسف إلى دائرة الوعي والنشاط والإنتاج، وذلك بتوعيتها توعية دينية واجتماعية وطبية تدفع الضرر الذي يلحق الزوجة أو الأمة من جراء الإنسال الأهوج وإطلاق الحرية غير الواعية في تحصيل النسل وكثرته؛ لأن الكثرة الهزيلة التي تتملكها عوامل الضعف والانهيار كثرة لا خير فيها. فالدعوة إلى تنظيم الأسرة لا يجوز أن تكون دعوة إلى محاربة الزواج أو محاربة النسل، فوجود الذرية بين البشرية أمر فطري لابد منه، والقرآن نفسه يوجبها إلى الذرية الطيبة الصالحة النافعة والمنتفعة، يوجهنا أن ندعو ربنا بدعاء زكريا {رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ} (١) .

كما علم عباد الرحمن أن يدعوه ليهبهم الذرية القوية الصالحة بقوله: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} (٢) . وإنما تكون الذرية سببا للسعادة إذا كانت سليمة قوية، ومستعدة لخوض غمار الحياة.

ولا خلاف بين الفقهاء في أن الإسلام يشترط في الزواج أن يكون الرجل صالحا للنهوض بواجبه، قادرا على تحمل تبعاته. فإن كان عاجزا غير قادر طالبه بالتعفف والانتظار، حتى يتوافر لديه المال والاقتدار، يقول الله تبارك وتعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} (٣) .

وإذا أباح عدد من العلماء توعية الأسرة توعية دينية وإجتماعية قصد تعريفها بحقوقها وواجباتها إزاء الأخطار التي تهدد حياة المجتمعات فلا ينبغي أن يقتصر جهدنا على هذا الجانب وحده، بل يجب أن تبذل كل الجهود لمضاعفة الإنتاج، وتطوير الصناعة والزراعة، ومواصلة السعي لكشف خيرات الأرض، والتعاون لتوزيع الفوائض والطاقات بين بلدان العالم.


(١) سورة آل عمران الآية ٣٨
(٢) سورة الفرقان الآية ٧٤
(٣) سورة النور الآية ٣٣

<<  <  ج: ص:  >  >>