للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن الذين يدعون إلى حركة تحديد النسل من المسلمين، لا يجدون في القرآن الكريم آية واحدة تؤيدهم في دعواهم، يحاولون أن يستدلوا على صحة فكرتهم بروايات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء في بعضها الإذن بالعزل، إن احتجاجهم بالأحاديث النبوية الشريفة هو احتجاج غير صحيح، ذلك لأن العزل لم يكن شائعا بين المسلمين، ولم تقم فيهم حركة لتحديد النسل ومنع الحمل، وإنما كانت هناك ثلاثة أسباب، هي التي حملت على العزل نفرا من المسلمين، ويمكن أن نعرفها من الروايات الواردة في كتب الحديث الشريف في باب العزل، أولا: خشية أن تحمل الأمة، ثانيًا: خشية أن تستحق الأمة إقامة دائمة إذا صارت أم ولد، ثالثًا: خشية أن يتعرض الولد لنوع من الضرر إذا حدث الحمل في أيام الرضاعة.

فهذه هي الأسباب التي من أجلها أحس نفر من الصحابة - منهم عبد الله بن عباس، وسعد بن أبي وقاص، وأبو أيوب الأنصاري، وزيد بن ثابت، وجابر بن عبد الله رضي الله عنهم - بحاجة إلى العزل في ظروف خاصة، وعملوه بحجة أنهم لم يجدوا في نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية دليلا ينهى صراحة عنه، يقول جابر رضي الله عنه: كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول في رواية أخرى: كنا نعزل والقرآن ينزل، ويقول في رواية ثالثة: كنا نعزل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل رواها البخاري ومسلم، فواضح من هذه الروايات، أن جابرًا ومن كان على رأيه من الصحابة، في إباحة العزل، لما لم يجدوا في نصوص القرآن الكريم والسنة المطهرة دليلا ينهى عن العزل صراحة، حسبوا ذلك دليلا على إباحته، يقول جابر رضي الله عنه في رواية أخرجها عنه الإمام مسلم في صحيحه: كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغه ذلك فلم ينهنا.

أما الروايات الأخرى فقد جاء في بعضها أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان سئل في هذه القضية، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (أصبنا سبيا فكنا نعزل) . فسألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((أو إنكم لتفعلون - قالها ثلاثًا - ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهى كائنة)) أخرجها البخاري ومسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>