للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن المهمة التي يجعلها الله من وظيفة الإنسان بعد بيانه له حقيقة الرزق في هذه الآيات الكريمة هي أن يبذل الإنسان سعيه للبحث عن رزقه في خزائنه المبثوثة على وجه الأرض وفي باطنها وبمعنى آخر فإن الرزق من وظيفة الخالق، وأن البحث عنه من وظيفة الإنسان قال تعالى: {فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ} .

وعلى هذا الأساس ينعى القرآن الكريم في غير موضع من آياته الكريمة على الذين كانوا يقتلون أولادهم خشية الإملاق أيام الجاهلية. قال تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} (١) .

وقال تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ} (٢) .

إن الذين يدعون لحركة تحديد النسل، إنما يدعون الناس لمنع زيادة الأفراد وتكاثر النسل، خشية الفقر كما كانوا في أيام الجاهلية، ويستعملون طرقا أخرى تحول دون الحمل، إنهم بدعوتهم الإلحادية يرتكبون جريمة خطر ضيق الأرض ونفاذ موارد الرزق، وهو الباعث لهم على الترويج لهذه الحركة لمنع زيادة السكان والنسل، إن الذين يدعون لهذه الحركة يخالفون الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وينكرون ما بينه الله عز وجل في الآيات الكريمة، بأن الله هو الرزاق ذو القوة المتين ويعملون على تقويض أركان المجتمع، وإهلاك الحرث والنسل، ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون. وإن حركتهم ستبوء بالفشل لأنها قائمة على الإلحاد والدعوة إلى الفساد والله لا يهدي كيد الخائنين.

إن منع الحمل إذا كان محددا بشئون فردية مخصوصة، قد يشعر فيها الزوجان بحاجة حقيقية إليه، نظرا لأحوالهما الخاصة، على ألا يكون منها الخوف على الرزق؛ لأن هذا يتصادم مع الشريعة الإسلامية في صميمها، ويشترط أن يفتي بجوازه عالم تقي من علماء المسلمين لصحة حاجتهما، مع ذلك لا يجوز لهما استعمال وسائل منع الحمل إلا عن طريق طبيب مسلم صادق، إذا كان منع الحمل بهذه الشروط يكون مباحا؛ لأنه لن يرجع على الحياة الاجتماعية بمثل تلك المضار التي تؤدي إلى الإخلال بالمجتمع وتنقيص النسل؛ لأن هذا المنع الفردي للحمل، يختلف عن الحركة الشعبية العامة المتصادمة مع الشريعة الإسلامية وتوجيهاتها وأحكامها.


(١) سورة الأنعام الآية ١٥١
(٢) سورة الإسراء الآية ٣١

<<  <  ج: ص:  >  >>