للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن موقف الإسلام من هذه الحركة الخبيثة لا يمكن أن يقبل تحديد النسل للأمة الإسلامية التي تريد لنفسها البقاء، وتعمل جاهدة في جميع الميادين، لتأخذ مكانتها اللائقة بها بين الأمم الأخرى، قوية عزيزة الجانب تسير في طريق التقدم والازدهار، كما أنه لا يقبله أحد من أبناء الأمة العاملين المخلصين لرفع شأن الأمة، ومن هنا جاءت الشريعة الإسلامية، على مبادئ القوة واتساع العمران وكثرة الأيدي العاملة والحث على الزواج، وامتن الله على الناس بنعمة الأولاد والحفدة كأثر من آثار الزواج قال تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ} (١) . وقد طمأن الله النفوس على الرزق، وأن المائدة التي أعدها الله لعباده في ظاهرها وباطنها، لا يمكن أن تضيق عن حاجتهم، وحاجة نسلهم مهما تكاثروا وتزايدوا، وحاشا لله أن تضيق مائدته عن عباده، إن القيام بحركة تحديد النسل بشكل كلٍّ، وعلى مستوى الأمة بأسرها، حرام شرعا، ويحرم الإقدام عليه، كما تحرم الاستجابة له؛ لأن أي تقدم اقتصادي وعمراني رهن بكثافة النسل والسكان، وأن خيرات الأمة لا يمكن استغلالها إلا بازدياد عدد السكان، وأصبحت حاجتهم ماسة إليها؛ لأن ضغط السكان على الموارد يعمل في استغلال هذه الموارد لحاجة السكان إليها، وقد تكفل الله جل وعلا برزق المخلوقات، قال تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ} (٢) . وقال تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} (٣) . وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} (٤) . وقال تعالى: {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} (٥) . وقال تعالى: {وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ (٢٠) وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ} (٦) .


(١) سورة النحل الآية ٧٢
(٢) سورة العنكبوت الآية ٦٠
(٣) سورة هود الآية ٦
(٤) سورة الذاريات الآية ٥٨
(٥) سورة الشورى الآية ١٢
(٦) سورة الحجر الآية ٢٠، ٢١

<<  <  ج: ص:  >  >>