ففي التشريع الإسلامي: الكفالة الإلهية برزق الناس.. تأكيدا للقدرة، وتعميمًا للرحمة، وإغراء بالإيمان، وفيه الدعوة المكررة إلى العمل امتحانا للإنسان الذي وهبه الله العقل والسمع والبصر والجوارح، {فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} فهو عز وجل: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}(١) .
ونستأنس بوجهة نظر العلامة الأستاذ علال الفاسي في كتابه (مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها) يقول الأستاذ الفاسي ما خلاصته.
(إن الدولة وذوى السلطة في الأمة الإسلامية ممنوعون من اتخاذ التدابير لقتل الأمة خوفًا من الفقر، وذلك كوأد الأجنة في بطون أمهاتها.. حتى لا تنمو الأمة، فلا تجد بزعمهم ما يسمونه بالمجال الحيوي. إن دعوات جاهلية تنتشر في الشعوب الكثيرة العدد كالصين والهند - ويقلدها في ذلك بعض الدول العربية والإسلامية - تحث على تحديد النسل وإجهاض الأجنة بعد تكوينها بدعوة ضرورة توافق عدد السكان مع مستوى الإنتاج الاقتصادى، وللاحتياط من الفقر والبطالة، لقد خلق الله لنا من عوالم هذه الدنيا وما فوقها وما تحتها، وإلى الآن لم يبلغ الإنسان في استنزاف خيراتها إلا القليل، ولم يبلغ من اكتشاف أسرارها إلا الأقل، فلماذا نضيع الوقت في البحث عن طريق تحديد النسل، وإبادة الخلق، وقطع حبل الإنتاج الإنساني لأوهام لا مبرر لها؟!) .
(وليس في إفريقيا الآن إلا قدر ضئيل من السكان بالنسبة إلى مساحتها الكبيرة.. وما عليها الآن بعد أن تخلصت من الاستعمار الأجنبي إلا أن تبدأ كفاحها لإحياء أراضيها واستخراج خيراتها..) .
(إن إجهاض الأجنة، واستعمال الأدوية لمنع النسل وتقليله بصفة جماعية ليس مما يتفق مع مقاصد الشريعة الإسلامية - وهو مما يدخل في غاية القرآن مما قصه علينا في وأد البنات عند العرب الجاهليين، والسبب الذي كان يحملهم على ذلك) .