وعلى هذا الأساس يزجر القرآن الذين كانوا يقتلون أولادهم خشية الإملاق - أى الفقر - أيام الجاهلية، وكان زجرهم عن ذلك لارتكابهم جريمتين: الأولى أنهم يقتلون أولادهم، والأخرى أنهم يرون في ولادتهم سببًا لفقرهم وبؤسهم) .
ويضيف الأستاذ المودودي: أن هناك عشرات الكتب التي طبعت في الغرب، ومهمتها أن تبالغ كل المبالغة في عرض مشكلة زيادة السكان في الشرق وتقترح على أساسه اتباع خطة تحديد النسل، ومنع الحمل - كحل ناجح لهذه المشكلة، وإن مكتبات البلاد الغربية مليئة بمثل هذه الكتب وهى تؤثر في حكومات الغرب بصفة مستمرة، كما أن السلوك العملي للقوى الاستعمارية يوثقها توثيقًا.
تآمر استعماري على العالم الإسلامي:
ويثبت الأستاذ المودودي ما يقوله باعتراف لبعض المفكرين الغربيين أمثال فرانك نوتيسين - وأرنولد قرين - وآثر كورماك -: بأن التقدم العلمي والفني قد وصل أيضًا إلى البلاد التي يتزايد عدد سكانها بسرعة فائقة!! وأن سيادة أوروبا تتوجس خطرًا سياسيًا شديدًا من تزايد السكان في العالم الإسلامي، وأن أمريكا تشعر بقلق من تغير الأحوال في آسيا وأفريقيا على أساس زيادة السكان بحيث يصبحون أغلبية في العالم.
وهناك مخاطر قلة السكان العرب في ديارهم الواسعة ذات الخيرات والبركات الكثيرة، ومساعي إسرائيل إلى مزيد من تهجير اليهود في العالم الشيوعي إليها لتوطينهم واستعمار الأراضي العربية التي احتلتها عام ١٩٦٧ م
لقد تحدث الدكتور أحمد زكي عن هذه المخاطر والأطماع اليهودية، وعن إسرائيل وانتصارها مع قلتها على العرب وكثرتهم فقال: إن ما حدث لم يكن من قوة الصهاينة ولكن من ضعف العرب، وقال أيضا: هناك أطماع في الوطن العربي تثيرها قلة السكان مع كثرة الخير. ثم قال: إن زيادة السكان لا نقصهم يجب أن تكون سياسة العرب، على شرط ألا ينتجوا الأنسال للعري والجوع ولكن للرزق الحلال، من العمل النافع، بعد التخطيط له، ثم كرر الكاتب: القول: بأن قلة السكان مع كثرة الخير تحرك الأطماع، ذلك أن بعض مناطق الوطن العربي قد تصبح في أي وقت موضعًا لأطماع تغزوها من الخارج لكثرة خيرها، مجتمعًا هذا إلى قلة سكانها، وضعف الدفاع عنها بناء على ذلك. وهو لا يعني (بالخير) الزيت وحده. وإنما يعني: الأرض الطيبة، والماء الوفير (١) .
(١) كان الدتور أحمد زكي - رحمه الله رئيسا لتحرير مجلة (العربي) التي تصدر في الكويت