ومن عجائب آثار حملة تحديد النسل - غير ما تقدم - أن أدوية ووسائل منع الحمل يسرت طرق الفواحش الخلقية. ولم تعد المرأة تخشى فضيحة بسبب حملها إذا ما رغبت في تلبية نزعاتها الجنسية بغير وسيلة الزواج. وبخاصة حين تقوم العقبات الاقتصادية الكثيرة في طريق تأسيس بيت الزوجية، وتتبع الفواحش الخلقية الميسرة - عادة - الأمراض التناسلية الخبيثة المعروفة..
وللأستاذ المودودي تعليق لطيف حكيم، على هذه الناحية الخلقية من نتائج تحديد النسل، يقول سماحته:(إن هناك أمرين لا ثالث لهما يثبتان النساء - بعد خشيتهن لله - على جادة الأخلاق.. وهما حياؤهن الفطري، وخوفهن من أن ولد الزنا يفضحهن في البيئة، أما الحاجز الأول فقد أزاحته المدنية الجديدة إلى حد كبير، فأنى للحياء أن تبقى منه باقية بعد الاختلاط العلني بين الرجال والنساء في محافل الرقص والغناء والخمر وسواحل البحار والمسابح والملاهي، وأما الخوف من ولادة ولد الزنا فإن رواج وسائل تحديد النسل قد جعله أيضا أثرًا بعد عين، وشيئا يمت إلى الماضي لذلك أصبح النساء والرجال جميعا كأنهم قد نالوا إجازة عامة باقتراف الزنا) !!
ومن ثمرات تحديد النسل كثرة حوادث الطلاق، وقد أسلفنا أن الفكرة راجت في أوروبا بين طبقات الأغنياء والمثقفين أكثر من رواجها بين الفقراء.
والحقيقة أن هناك علاقة واضحة بين الطلاق والحياة الزوجية الخالية من الذرية التي من شأنها أن تشد من رباط الزوجين، كما يقول بارنيس وريودي في كتابهما:(الأسلوب الأمريكى للحياة) ويقرران أن الأزواج والزوجات الذين يطالبون بالطلاق ثلثاهم ممن لم يرزقوا أطفالا. وهنا نقف مليا لنتأمل هذه الحقيقة الإنسانية واضحة بينة في كتاب الله المجيد:{الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} .
وهكذا أوهنت بدعة تحديد النسل العلاقات الزوجية بين سكان البلاد الغربية - كما يقول الأستاذ المودودي - وقد أثبت سماحته في كتابه:(حركة تحديد النسل) آراء ونظريات أعلنها مفكرون غربيون حذرا من مخاطر التحديد، وقلة الذرية، وفشو الطلاق بين الأزواج وزيادة عدد الوفيات من الكبار.