وللإمام الغزالي - في كتابه (إحياء علوم الدين - رأي في تنظيم النسل - يقول: قد يكون الفقر من دواعي تأخير الحمل خوفا من كثرة الحرج بسبب كثرة الأولاد، للاحتراز من الحاجة إلى التعب في الكسب، ودخول مداخل السوء، وهذا غير منهي عنه فإن قلة الحرج معين على الدين وإن كان الكمال والفضل في التوكل والثقة بضمان الله حيث قال:{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} (١) .
كما أن هيئة كبار العلماء في السعودية أصدرت بتاريخ ١٣/٤/١٣٩٦ ورقم (٤٢) فتوى أباحت فيها تأخير الحمل لفترة ما لمصلحة يراها الزوجان عملا بما جاء في الأحاديث الصحيحة وما روي عن جمع من الصحابة من جواز العزل وما صرح به بعض الفقهاء من جواز شرب الدواء لإلقاء النطفة قبل الأربعين.
ودين الله عز وجل يسر، وما جعل الله على عباده من حرج ورحمته واسعة وفضله كبير.
وبعد.. فخلاصة البحث يتقرر بها أمران:
الأول: أن تحديد النسل، بأية وسيلة من وسائل التعقيم، مخافة الحاجة أو الفاقه حاضرا أو مستقبلا - لا يقره الإسلام؛ لأن الأرزاق والأعمار بيد الله، وهو الوكيل عليها، والكفيل بها ولا يليق بالعبد المؤمن بالله أن يشك في ذلك.
الثاني: أن تنظيم النسل.. أى جعله فترة بعد فترة من أجل إتاحة الفرصة للأم أن تتمكن من تربية طفلها الأول ولترتاح نفسيًّا وجسديًّا من متاعب الحمل والوضع والرضاعة بصورة متتابعة، ومن أجل إتاحة الفرصة للأب أيضًا أن يهيئ أطفاله واحد بعد الآخر للدراسة والتعليم - هذا التنظيم أرى فيما أعتقد أنه جائز لا يمنعه الإسلام.. لأنه يستهدف مصلحة الأبوين وأولادهما معا.. والله أعلم.