للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الإمام ابن القيم بعد ذكر الأحاديث الدالة على جواز منع الحمل: فهذه الأحاديث صريحة في جواز العزل، فقد رويت الرخصة فيه عن عشرة من الصحابة علي وسعد بن أبي وقاص وأبي أيوب وزيد بن ثابت وجابر وابن عباس والحسن بن علي وخباب بن الأرت وأبي سعيد الخدري وابن مسعود رضي الله عنه، إلى أن قال.. أي ابن القيم بعد كلام سبق، والحديثان صحيحان ولكن حديث التحريم ناسخ (يعني قوله صلى الله عليه وسلم سئل عن العزل: ذلك الوأد الخفي، وهذه طريقة ابن حزم، وقالوا: لأنه ناقل عن الأصل، والأحكام كانت قبل التحريم على الإباحة، ودعوى هؤلاء تحتاج إلى تاريخ محقق يبين تأخير أحد الحديثين عن الآخر، وأنى لهم به، وقد اتفق عمر وعليٌّ على أنه لا تكون موءودة حتى تمر عليها التارات السبع فروى القاضي أبو يعلى وغيره بإسناده عن عبيد بن رفاعة عن أبيه قال: جلس إلى عمر عليٌّ والزبير رضي الله عنهم في نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتذاكروا العزل، فقالوا: لا بأس به، فقال رجل: إنهم يزعمون أنه الموءودة الصغرى فقال علي رضي الله عنه: لا تكون موءودة حتى تمر عليها التارات السبع حتى تكون من سلالة من طين، ثم تكون نطفة، ثم تكون علقة، ثم تكون مضغة، ثم تكون عظامًا، ثم تكون لحمًا، ثم تكون خلقًا آخر. فقال عمر رضي الله عنه: صدقت أطال الله بقاءك (١) .

ويرى الدكتور أحمد الشرباصي أن النهي عن العزل ربما كان في أول الدعوة الإسلامية وكان المسلمون يومئذ قلة، ثم جاءت أحاديث الإباحة والجواز فنسخت النهي السابق ومع ذلك فهناك من قال: إن بعض الأحاديث الواردة في النهي عن العزل إنها ضعيفة أو مضطربة (٢) .


(١) زاد المعاد - الجزء الرابع ص ١٧، ١٨
(٢) الدين وتنظيم النسل للدكتور أحمد الشرباصي ص ٧١، ٧٢

<<  <  ج: ص:  >  >>