وفي مسند الإمام أحمد وابن ماجه من حديث عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها. وجه الاستدلال بالحديث: أن العزل مباح إذا أذنت الحرة، وإذنها أمر ممكن، وعن أبي محيريز قال: دخلت أنا وأبو صرمة على أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، فسأله أبو صرمة، فقال: يا أبا سعيد: هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر العزل؟ فقال: نعم، غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بني المصطلق فسبينا كرائم العرب، فطالت علينا العزبة ورغبنا في الفداء، فأردنا أن نستمتع ونعزل، فقلنا: نفعل ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا لا نسأله؟ فسألنا رسول الله، فقال:" لا عليكم ألا تفعلوا، ما كتب الله خلق نسمة هي كائنة إلى يوم القيامة إلا ستكون ". رواه مسلم.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أيضًا أن رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن لي جارية، وأنا أعزل عنها وأنا أكره أن تحمل وأنا أريد ما يريد الرجال، وإن اليهود تحدث أن العزل هو الموءودة الصغرى. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((كذبت اليهود، لو أراد الله أن يخلقه ما استطعت أن تصرفه)) ، معناه إذا قدر الله خلق نفس فلا بد من خلقها، وأنه قد يسبقكم الماء فلا تقدرون على دفعه، ولا ينفعكم الحرص على ذلك، فقد يسبقكم الماء من غير شعور العازل لتمام ما قدر الله.
وفي صحيح مسلم عن أسامة بن زيد أن رجلًا جاء إلى النبي عليه السلام فقال: يا رسول الله، إني أعزل عن امرأتي، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:((لم تفعل ذلك؟)) فقال الرجل: أشفق على ولدها أو قال: على أولادها، فقال رسول الله:((لو كان ضارا (أي العزل) لضر فارس والروم)) ، وفي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري قال: أصبنا سبيا فكنا نعزل، فسألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:((وإنكم لتفعلون ذلك - قالها ثلاثا - ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة)) .