للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما في المجتمعات غير الإسلامية فقد ثبت عند العلماء تاريخيًّا أن بعض القبائل البدائية، كانوا يتضايقون من كثرة الإنجاب، فيتخلصون من بعض ما أنجبوه بالقتل رغبة في التخلص من أعباء النفقة التي تثقل كواهلهم ومن هذا المنطلق بدأوا بقتل الإناث والاحتفاظ بالذكور؛ لأن هؤلاء يشتغلون مع آبائهم في شئون الحياة، ويساعدون على كثرة الإنتاج، وفي بعض القبائل العربية كانوا في عصر الجاهلية يتخلصون من الإناث خشية العار، فإذا كبرت البنت ولم تتزوج، أصبحت عارًا على أهلها ومذمة، فكانوا يدفنونها بعد ولادتها، وقد ندد القرآن الكريم بهذا العمل الشنيع في قول الله تعالى: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (٨) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} (١) . وفي بعض الأقطار كانوا يختبرون الطفل في طفولته المبكرة فإذا رأى الأب طفله سالم الخلق ذكيا احتفظ به، وإن رآه غير ما يحب تخلص منه بالقتل.

وأحيانا كانوا يقتلون أطفالهم خوفا من الجوع والفقر، ولهذه الأسباب جميعها أو بعضها وبهذا السلوك اللاإنساني جاء القرآن الكريم منددًا مستنكرًا هذا المسلك الشنيع فقال تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} (٢) . وفي آية أخرى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا} (٣) .

وهكذا لم تكن في الأعصر القديمة وسائل للتخلص من كثرة الأولاد غير قتلهم بعد الولادة، فالأسباب تختلف ولكنها في نطاق ضيق، أما اليوم فإنها قد تنوعت وتعددت، ووسائل التخلص منها أيضا كثرت كالإجهاض.. وهو قتل مبكر قبل الولادة، وحدثت وسائل أخرى لمنع الحمل وهي كثيرة ومتنوعة والتي شاع أمرها وذاع تحت عنوان (تحديد النسل وتنظيمه) وأول من دعا إلى ذلك من فلاسفة الغرب هو الفيلسوف (مالتوس) الإنجليزي في أواخر القرن الثامن عشر للميلاد، فقد لفت الأنظار إلى وجوب الحد من إنجاب المواليد خشية الجوع والفقر، وبعد قرن من الزمن جاء فيلسوف آخر بريطاني أيضا ينادي بخطورة النمو الديموغرافي هو (البير وليم كروكس) وذلك أمام قلة موارد الرزق وقلة وسائل التغذية، مما يؤدي إلى المجاعة المهولة.


(١) سورة التكوير الآية ٨ و٩
(٢) سورة الأنعام الآية ١٥١
(٣) سورة الإسراء الآية ٣١

<<  <  ج: ص:  >  >>