وقد نشرت مجلة المسلم المعاصر في عددها ٤٢ السنة ١٩٨٤ بتاريخ جمادى الأولى ١٤٠٤ هـ بحثًا للدكتور السيد محمد علي البار، وفيه فقرة تصف السودان بأنه (سلة الخبز) نظرًا لإمكانياتها الزراعية والحيوانية التي يمكنها أن تطعم العالم العربي بأكمله، والذي يقدر بمائة وستة وأربعين مليون نسمة، والمعروف أن أقطار العالم العربي توجد بها ملايين الهكتارات المسقية والصالحة للزراعة والإنتاج الحيواني.
ومع هذا تجد الدعوة إلى تحديد النسل في الأمة العربية والإسلامية ميدانًا خصبا، لرواجها وقبولها وتنفيذها على أيدي المسؤولين في بعض الأقطار، إنه خطأ فاحش، وانصياع لغزو فكري ظالم مغرض يريد المزيد من تدمير المجتمع الإسلامي، والقضاء عليه، ويجب الانتباه لهذا الأمر الخطير الذي لا يقل عما سبقه قبل فترة من الزمن من حرب مدمرة سلطت على العالم الإسلامي بمختلف الأسلحة الفتاكة عجزت الشعوب الإسلامية عن مقاومتها، فخضعت للاستعمار العسكري المباشر، وذاقت مرارته عشرات السنين.
وما فكرة تحديد النسل إلا حرب أخرى وبشكل آخر. تلك قضت على مئات الآلاف من رجال الحرب، الذين قاوموا الاستعمار عند بسط نفوذه وقاوموه لإخراجه، وهذه تضعف الأمة من الأساس، إذ تقلل من إنجاب الأطفال الذين هم رجال المستقبل، فتصبح الأمة فقيرة من الرجال الصالحين الأكفاء الذين يناهضون الاستعمار بكل أشكاله فكريا وعسكريا، واقتصاديا، إنها حرب خفية تلبس لبوس التطبيب والإسعاف والتنظيم والإنقاذ، فتسلك طريق المسعفين الأطباء الذين يعملون عن قصد أو غيره على تعقيم الناس رجالا ونساء كما يقال عن دولة الهند، حيث يجري التعقيم سرا وعلانية، وذلك بأمر سلطان الدولة عند علاج المرضى وبدون شعور أكثريتهم.