للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما قضية النمو الديموغرافي، فإنما هي واجهة يهاجم منها أهل الدعوة إلى تحديد النسل في الأقطار الإسلامية عربية وغير عربية؛ لأن الماسكين بزمام السياسة في المجتمع الإنساني يخشون من تكاثر المسلمين ويقظتهم التي قد تجعلهم يستعيدون وحدتهم، ويأخذون بمنهج دينهم الحنيف، الدين الإسلامي الذي يفرض على معتنقيه الأخذ بأسباب التطور والمعرفة والقوة وبذلك تسترجع أمة الإسلام قوتها وسيادتها ونفوذها على الإنسانية وتكون أمة وسطا كما قال الله تعالى: {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} (١) .

وأعتقد أن هذا هو سر هذه الحملة الموجهة إلى المجتمع الإسلامي كله وفي كل مكان، ومن المعلوم أن الإسلام وهو وحي من الله العليم الخبير. مدبر هذا الكون سره وعلنه، ماضيه وحاضره ومستقبله، قد شجع على التناسل وحض عليه فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تناكحوا تناسلوا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة)) .. وقال في حديث آخر وهو أكثر دقة وصراحة في الموضوع: ((تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم)) والحديثان رواهما أصحاب السنن. ومن المؤسف حقا أن تتأثر الشعوب الإسلامية والعربية بصفة خاصة، بدعوة تحديد النسل التي يروجها خصوم الإسلام، ويبذلون في سبيل تحقيقها من الأموال والوسائل، ما لو أنفقوه على بعض الشعوب ذات المظهر التخلفي والمتسم بالفقر، لكان له أثر محمود على تلك الشعوب ولارتفع مستواها الفكري والثقافي وخرجت من حيز التخلف والفقر والجهل.

فالأقطار العربية والإسلامية التي يصفونها بما يحبذ فكرة الخوف من النمو السكاني، والمهددة بشبح المجاعة، ويحاولون إخضاعها لتنظيم النسل وتحديده، وفعلا فقد وقعت في شَرَكِ هذه الدعوة كثير من الدول الإسلامية. وأصبح لفكرة التحديد والتنظيم مؤيدون، وأسست للتنفيذ جمعيات ومؤسسات تسهر على تنفيذ هذا المخطط المفروض، مع أن هذه الشعوب لو انتبهت إلى حقيقة أمرها، ودرست أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية ووجدت من يأخذ بيدها ويساعدها على تطوير إمكانياتها الإنتاجية في الزراعة والصناعة، لكانت على شكل وصفة غير التي هي عليها اليوم، مهددة بالمجاعة والتخلف وكثرة الجائعين والعاطلين.


(١) سورة البقرة الآية ١٤٣

<<  <  ج: ص:  >  >>