للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذلك نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وطء المرضع، وسماه وطء الغيلة، وقال: " إنه يدرك الفارس قيد عثرة ". ولكنه أباحه صلى الله عليه وسلم فيما رواه أسامة بن زيد ((أن رجلًا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني أعزل عن امرأتي. فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: " لم تفعل ذلك؟ " فقال الرجل: أشفق على ولدها، فقال الرسول: " لو كان ذلك ضارًّا لضر فارس والروم ")) . رواه (مسلم، وأحمد) . غير أن الرسول صلى الله عليه وسلم نظر إلى أن منع الناس من الوطء مدة الرضاع قد يؤدي إلى مفسدة أعظم فرخص لهم في وطء المرضع، دفعا لمفسدة أشد من ذلك وهي اندفاع الأقوياء جنسيا إلى ارتكاب المحظور وهو الزنى، خصوصا وقد علم أن الروم وفارس يفعلون ذلك ولا يضر الرضع عندهم وقوله تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ} (١) . وهو يؤكد رفع الضرر عن الزوجين معًا ومن أشد الضرر أن يحمله الكف عن المرضع مدة الرضاع فيندفع إلى ارتكابه المحرم الذي قد يتسبب له في الموت رجمًا، إذا افتضح أمره وكان محصنًا.

فالمرتكب جريمة الزنى يجلد مائة ويغرب سنة إذا كان غير محصن وإذا كان محصنًا، أي متزوجًا، يرجم حتى يموت، وذلك بحكم القرآن والسنة. قال تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢) الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} (٢) .

أما السنة فقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجم ماعز عندما اعترف بالزنى، وهو رجل متزوج اعترف بخطيئته تخلصا من تبعتها غدا بعد الموت. فهذا صحابي اقترف ذنبا عظيما ورأى أن التوبة في نظره لا تكفيه وإنما أراد التخلص من تبعة الذنب غدا يوم القيامة.

وهكذا نرى أن الرضاع يمنع الحمل عند الكثير من النساء وإن كان لا يمنعه عند أخريات.


(١) سورة البقرة الآية ٢٣٣
(٢) سورة النور الآية ٣,٢

<<  <  ج: ص:  >  >>